عزاء لليابان

جده ، الأول من فبراير ٢٠١٥

بقلم محمد بشير علي كردي

لكل الأمة اليابانية، ولكل محبي السلام في العالم، خالص العزاء بالشهيدين اليابانيين: هارونا يوكاوا وكينجي جوتو، اللذين نحرهما من يسمون أنفسهم بداعش ، أو بدولة الخلافة الاسلامية في بلاد العراق والشام،.

ويحز في النفس أن تحمل هذه الجماعة المجرمة شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والله محبة، والله أرسل رسولنا الكريم محمد بن عبد الله رحمة للعالمين وليتمم مكارم الأخلاق، دعت رسالته للسلم والمحبة والتعايش مع كافة البشر على اختلاف عروقهم ودياناتهم.

وكثيرا ما يتساءل الواحد منا عمن وراء هذه الجماعة المجرمة التي تُمارس أبشع الأعمال المنافية للأخلاق ولكل ما جاء في الديانات من دعوة للمحبة والسلام، ونضع العديد من علامات الاستفهام لمعرفة من المستفيد من تشويه العقيدة الاسلامية بهذا الشكل المنافي للواقع وللحقيقة ، وهي العقيدة السمحاء التي حثت بني آدم (وجميعنا من سلالة آدم وحواء ) على التقوى بقوله تعالى في قراننا الكريم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ،سورة الحجرات، والتقوى في اللغة العربية تعني ما يحمي الوجود الإنساني لمكارم الأخلاق وجميل الخصال والفعال، كما دعاهم إلى حفظ الحياة الانسانية ليصون وجودهم ويضمن دوام العشرة بينهم بالمعروف، بقوله تعالى : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ." سورة المائدة.

وهل هؤلاء المجرمون القتلة هم فعلا مسلمو الديانة، وإن كانوا يحملون أسماء عربية إسلامية؟ وهل هم متدينون وعلى معرفة بدينهم وما يفرضه عليهم من سلوك أخلاقي اجتماعي؟ أم أنهم صورة من الحرب على الإسلام والمسلمين، مرة باسم الإسلام من داخله وعلى يد نَفَر يدعون الانتساب إليه والإسلام منهم برآء، وأخرى بيدٍ من خارجه، وما حصل في البوسنة والهرسك أو في ميا نمار من تصفية عرقية دينية ليس بالبعيد؟ أم أنه الوضع المأسوي في البلدان التي اجتاحها تسونامي الفوضى الخلاقة فخلف الدمار والتهجير والتشريد لملايين السكان الذين فقدوا ممتلكاتهم ويعيشون في خيام الذل والعار التي نصبت في العراء يعانون قر البرد وحر الصيف الى جانب معاناتهم من الجوع وانتشار الأمراض وقلة الدواء وندرة الأطباء؟ أم أنها تداعيات القضية الفلسطينية وما خلفته من إحباط لدى الشعب الفلسطيني الذي فقد أرضه، وتجاهلت القوى الكبرى المتحكمة بمجلس الأمن تفعيل قراراتها حيال إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وقد مضى على مأساته ما يقارب المائة عام، وعلى أسر بيت المقدس، قبلة المؤمنين الأولى، سبعة وأربعين عاما ، ويقف الفيتو في مجلس الأمن عائقا أمام التوصل الى حل عادل يضمن حقوق أهل الأرض وهم عرب فلسطين المسلمون منهم والمسيحيون الذين عاشوا بوئام وأمن وأمان منذ العهدة العمرية التي ضمنت للجميع حرية العبادة في كنائسهم وكنيسهم الى أن صدر وعد بلفور البريطاني، ومن بعدُ؛ تسهيل قوات الإحتلال البريطانية هجرة اليهود الى بلد كان أمنا وملاذا لمعتنقي كافة الديانات السماوية، لم تعكر صفوه وأمنه وأمانه إلا الغارات الصليبية من الغرب وهجمات التتر من الشرق التي قضى عليها بالايمان والتسامح.

إن الحرب على داعش والقضاء على عناصرها المجرمة لن يتم بغارات جوية ما لم يتحرك العالم ومحبو السلم والسلام بجدية وإخلاص لتطبيق الشرعية الدولية، وقد يكون الحدث المؤلم الذي أودى بحياة اثنين من شباب اليابان المحب للسلام حافزا للدبلوماسية اليابانية لأن تضاعف جهودها في سبيل سلام الشرق الأوسط وكرامة سكانه والقضاء على أسلحة الدمار الشامل من المالكين لها .

محمد بشير علي كردي سفير المملكة العربية السعودية سابقاً في اليابان

بان اورينت نيوز



رأي