الرحلة الماليزية الغامضة 370: حقائق غير معلنة

طوكيو- الأحد 11 مايو 2014

بقلم غريغوري كلارك - خاص إلى بان اورينت نيوز

على الرغم من انشغال وسائل الإعلام العالمية بالبحث عن دليل يفسر اختفاء رحلة 370 التابعة للخطوط الجوية الماليزية في الثامن من مارس الماضي، إلا أنها أغفلت إلى حد ما إمكانية أن يكون السبب وراء اختفاء الرحلة هو قرار متعمد من قبل الطيار نفسه.

وبعد انقضاء أسبوع على اختفاء الطائرة، بدأ العديد من المعلقين في وسائل الإعلام الماليزية بالإشارة إلى إمكانية أن يكون الطيار زاهاري أحمد شاه تحت تأثير انفعال دفعه إلى اتخاذ مثل هذا القرار. فقد عُرف شاه بإعجابه الشديد بالسياسي الماليزي المعارض أنور إبراهيم، الذي قيل أنه تربطه به قرابة بعيدة.

وكان شاه قد حضر في وقت متأخر من يوم 7 مارس جلسة محكمة حُكم فيها على أنور بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة "اللواط". وبعد 7 ساعات من تلك الجلسة كان على شاه قيادة الرحلة 370 على الخطوط الجوية الماليزية المتوجهة إلى بكين.

واعتبر العديد من المعلقين الماليزيين أن مثل هذا التسلسل في الأحداث يحمل في طياته دلالات وأهمية كبيرة، و في الوقت نفسه اعتبروا أن تصوراتهم بتعمد شاه تحطيم طائرته كانت بعيدة عن الصحة. وفي جميع الاحوال كان جميع المعلقين غارقين بكثرة النظريات التي ترجح أن يكون الاختفاء نتيجة عملية اختطاف واحتمالات أخرى.

ولكن يبدو واضحاً الاّن أنها لم تكن عملية اختطاف، حيث كان شاه مُحكماً سيطرته على الرحلة دون أي مشاكل تسبب اختفاءها مما يحول النظريات التي تتهم شاه تعمده اخفاء الطائرة أقرب إلى التصديق، وخصوصا بعد أن كشفت اّخر التقارير إجراء شاه مكالمات هاتفية أثناء الرحلة، بالإضافة إلى تحركات قام بها لتجنب الرادار واختياره لمكان بعيد جنوب المحيط الهندي للاختفاء. وتذكر تقارير أنه ترك في منزله رسالة تشرح دوافعه للقيام بذلك، ولكنها صودرت خلال تفتيش منزله من قبل السلطات فور اختفاء الطائرة.

ويمكننا أيضاً أن نفترض أن السلطات الماليزية أدركت في بداية الأزمة أن شاه كان يسعى لتسجيل موقف سياسي. وهذا يفسر التهرب و التأخير من قبل تلك السلطات وبما سبب استياء وسائل الإعلام الأجنبية، ولكن لم يكن أمام السلطات الماليزية سوى القيام بذلك في التعامل مع وضع متفجر سياسياً ومعقد من ناحية مسؤولية شركة الطيران ويشكل إحراجاً كبيراً للحكومة.

و لا يخفى على أحد أن السياسة الماليزية تفتقر للوضوح و المصداقية حيث مازال حاكم المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة في السلطة منذ 56 عاماً وهو عازم على البقاء فيها. وقد كان انور في وقت سابق نائباُ لرئيس الوزراء ومعروفاً بكفاءته, وينظر إليه كمنافس قوي يتنمي لحزب عدالة الشعب ليشغل هذا المنصب ولكن في عام 1998 لُفقت له اتهامات الفساد واللواط التي أنهت مستقبله السياسي.

وبعد قضائه مدة ست سنوات في السجن (أغلبها في الحبس الافرادي) بتهمة الفساد المشكوك فيها. تم استدعاءه بتهمة اللواط التي تمت تبرئته منها. و لكن أُلغي حكم البراءة في السابع من مارس و أعيد إلى السجن. و جاءت هذه الاحداث بالتزامن مع الاستعدادات للانتخابات التي يشارك فيها حزب عدالة الشعب كمنافس فعلي للمنظمة الوطنية الماليزية المتحدة. وربما يكون شاه قد قرر الثأر من السلطات التي ظلمت بطله أنور، وفعل ما فعل.

وقد رفض أنور تلك التكهنات التي تتهم شاه بإخفاء الطائرة، ولكن من الطبيعي ألا يقوم بتجريم مؤيد وفي له مثل شاه.

وكل ما نعرفه عن تلك الرحلة المنكوبة يشير إلى تصرف متعمد خطط له طيار يعتزم إرباك السلطات، لدرجة أن اّخر لحظات الطائرة كانت تعكس تصميمه على الانتقام. و كان اختفاءها كسقوط فطيرة في المحيط, في أكثر المناطق النائية في العالم، لضمان عدم العثور على حطام لها، وبدون أي دليل يساعدة السلطات في البحث عنها. إنه انتقام بطريقة احترافية و قاتلة.

وبينما تواصل سلطات الطيران تحذيرنا من خطر اختطاف الطائرات، يبدو أنها فشلت في الإنتباه إلى ماهو أخطر من ذلك بكثير: الحالة النفسية للطيار.

غريغوري كلارك (الصورة) دبلوماسي استرالي سابق ومعلق سياسي وأكاديمي مقيم في اليابان.

الآراء في صفحة "الرأي" تعبر عن الكاتب وليست بالضرورة رأي "بان اورينت نيوز".

بان أورينت نيوز



رأي