نيرون الثاني

مدريد- الجمعة 20 يوليو 2012
بقلم الأديب محمد بشير علي كردي

حدثتنا رشا في لقاء اليوم عن نيرون الأول الذي تسلى بحرق روما ونيرون الثاني الذي يتسلى بحرق سورية لتؤكد أن التاريخ يعيد نفسه وأن نهاية الطغاة هي ذاتها فحكمة الله في آية تقول أن لكل ظالم نهاية.

في حديثها عن نيرون الأول رددت على المستمعين ما سجله التاريخ " من أن فى عصره كثرت المؤامرات والاغتيالات السياسية التى كان له يد فى تدبيرها . أما اشهر جرائمه على الإطلاق فهي حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله فى أن يعيد بناء روما فأشعل النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير لتلتهم فيما بعد عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر. وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق كان نيرون جالساً فى برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذى خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التى يصف فيها حريق طروادة. هلك فى هذا الحريق الآلاف من سكان روما واتجهت إليه أصابع الاتهام فتزايدت كراهية الشعب له مما دفعه لتقديم كبش فداء يضعه متهماً أمام الشعب. وكان أمامه اختياران اليهود أو معتنقي المسيحييه الحديثة فاختار المسيحيين موجها اليهود للقبض عليهم واضطهادهم وسفك دمائهم بتقديمهم للوحوش الكاسرة أو حرقهم بالنيران أمام أهل روما فى الستاديوم وفى جميع انحاء الإمبراطورية، .وأستمر الاضطهاد الدموى أربع سنوات شهدت الكثير من الفوضى والجريمة مما حدا بمجلس الشيوخ أن يجرمه ويصفه بأنه عدو الشعب فمات منتحراً فى عام 68 م مخلفاً وراءه حالة من الإفلاس".

أما نيرون اليوم فقد ورث حب الدماء من والده الذي وجه شقيقه رفعت قائد قوات سرايا الدفاع للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين في حماه الذين رفعوا صوتهم عاليا ضد الظلم والاستبداد ، فقام في الثاني من فبراير/ شباط 1982 بأوسع حملة عسكرية شنها النظام ضد معارضيه دامت 27 يوما شاركت فيها قوات سرايا الدفاع واللواء 47 دبابات واللواء 21 ميكانيك والفوج 21 إنزال جوي للقوات الخاصة فضلا عن مجموعات القمع من مخابرات وفصائل حزبية مسلحة أودت بحياة عشرات الآلاف من أهالي المدينة وأرغمت غالبية سكانها على مغادرة مدينتهم وهجرة المتدينين منهم إلى الخارج بعد أن صدر قانون بإعدام كل من يشك بانتسابه لجماعة الإخوان المسلمين .

وقد تفوق نيرون الابن على والده وعمه في الإجرام وهو يواجه تسونامي الحرية الذي ضرب سوريه من جنوبها فوجه قواته المسلحة للقضاء على المظاهرات التي بدأت سلمية في العديد من الأرياف والقرى والمدن السورية، ضاربا القرى والمدن بالأسلحة الثقيلة برا وجوا وناشرا قوات الأمن والشبيحة لمواجهة المتظاهرين بالنار. والشبيحة هم من مجهولي الحسب والنسب أخذهم النظام أطفالا إلى مراكز التدريب على فنون القتل والتعذيب دون أن ينالوا قسطا من الأخلاق والمعرفة.

عرضت رشا خلاصة لما نشرته وكالات الأنباء العالمية والناشطين من داخل سورية عن الإجرام الذي مارسه نيرون وقواته وشبيحته مما يؤهلهم جميعهم للوقوف أمام محكمة العدل الدولية إذا نجوا من قبضة الشعب الذي لا يخلو بيت من بيوته من شهيد أو سجين أو مفقود. كما نوهت بالمؤتمرات الدولية والإقليمية المناصرة للشعب السوري وخلصت إلى القول بأن الهيئة الدولية المعنية بأمن الشعوب لا تزال عاجزة عن اتخاذ الخطوات اللازمة لإيقاف نزيف الدم وبدايتها إنهاء النظام الفاسد والقضاء على النيرون وزمرته ونهايتها إعادة الحياة الطبيعية إلى بلاد من أعرق بلاد المعمورة .

وتساءلت إلى متى يقف فيتو المهيمنين على مجلس الأمن عائقا أمام حرية الشعوب وكرامتها وإلى متى تقف شعوب العالم متفرجة على ما يجري في سورية من تدمير لمدنها التي تضم العديد من الآثار والمعالم الدالة على حضارة العالم.

محمد بشير علي كردي أديب وسفير المملكة العربية السعودية سابقاً في اليابان

بان اورينت نيوز

الآراء المنشورة في زاوية "آراء" تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة بان اورينت نيوز



رأي