أحفاد عبد الرحمن الداخل يصلون على أرواح أطفال الحولة

مدريد – الأربعاء 6 يونيو 2012
بقلم محمد بشير علي كردي

في صلاة يوم الأحد الماضي، تقدَّمت رشا العديد من الجيران وزملائها في المعهد لأداء صلاة على أرواح الأطفال الذين لاقوا حتفهم في منطقة الحولة في محافظة حمص السورية على يد عناصر النظام الحاكم في سورية.

بعدها، قصد الجميع حديقة الروتيرو المطلَّة على ميدان الاستقلال في مدريد، ووضعوا باقات من الورود أحاطوها بالعديد من الشموع وهم يدعون القادر المقتدر بأن تنقشع الغمَّة عن سورية، البلد الذي قَدِم منه عبد الرحمن الداخل ليقيم دولة العدل والتسامح في هذه الديار التي دامت لقرون عديدة تضيء بالعلم والمعرفة ما حولها من شعوب وأمم ومنها انتقلت الشعلة إلى الأمريكيَّتين التي هاجر إليها في وقت لاحق ملايين المضطهدين في أوروبا والمشرق.

ذكَّرت رشا الحضور في الحديقة بأنَّ للشعب السوري حقًّا في رقبة كلِّ مواطن في هذه الديار، لا بل في رقبة كلِّ عالِم وباحث فوق هذا الكوكب. ولإثبات هَذا الحقٍّ، استشهدت ببيت شعرٍ:
لَولا دِمَشْقُ لَمَا كَانَتْ طُلَيْطِلَةٌ وَلا زَهَتْ بِبَنِي العَبَّاسِ بَغْدَانُ
من قصيدة عصماء لأحمد شوقي، أمير الشعراء في دمشق، مطلعها:
قُمْ نَاجِ جِلَّقَ وانْشُدْ رَسْـمَ مَنْ بَانُوا مَشَـتْ عَلَى الرَّسْـمِ أَحْدَاثٌ وَأَزْمَانُ
جمع في شطريه ما بين طليطلة وبغدان (بغداد) من روابط ثقافيَّة وعلميَّة أثرت البشريَّة، وكانت المرجع للعديد من العلماء الذين نهضوا بالدول الغربيَّة والأمريكيَّتين واليابان والعديد من الدول المتقدِّمة.

قال الجار فرناندو بأنَّه لا يفهم مبرِّرات روسيا والصين في دعم العائلة الحاكمة في سورية مع ما هو واضح للعيان من ارتكاب السلطة الحاكمة جرائم ضدَّ الإنسانيَّة، تستدعي التحرُّك السريع لإنقاذ الشعب السوري من جلاَّديه، وإيقاف حمَّامات الدم. وأضاف بأنَّ ذلك، في تقديره، يتطلَّب إجبار الرئيس وزمرته على التنازل عن السلطة لشخصيَّة سوريَّة تتمتَّع بسمعة حميدة لدى المحافل الدوليَّة ليدعو تحت إشراف دولي الشعب السوري إلى انتخاب مجلس تشريعيٍّ يضع دستورًا للبلاد، ينتخب بموجبه الشعب برلمانه ورئيس دولته. إجراء كهذا، يتطلَّب لنجاحه نشر الأمم المتَّحدة بضعة آلاف من قوَّاتها للحيلولة دون الفلتان الأمني. وتساءل هل يمكن لمثل هذا السيناريو أن يأخذ طريقه لحيِّز التنفيذ في ضوء الحرب الباردة التي عادت للاشتعال بين الشرق ممثَّلاً بروسيا والصين، والغرب ممثَّلا بالولايات المتَّحدة الأمريكيَّة!

والدا رشا من المؤمنين بأنَّ "أهل مكَّة أدرى بشعابها"، وأنَّ في سورية من المفكِّرين القياديِّين أحفاد فارس الخوري وسلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وأمثالهم لديهم من الحنكة والدبلوماسيَّة والقدرة على ترتيب انتقال السلطة سلميًّا فور تنازل الأسرة الحاكمة عن جبروتها ومغادرتها البلاد إلى ملجأ آمن، فليس من شيم العرب أكل الجيف.

قاد الحديث عن سورية للحديث عن الأوضاع في مصر، وقد بدأت حملة الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، وأصدر القضاء حكمه بحقِّ الرئيس محمَّد حسني مبارك ووزير داخليَّته حبيب العدلي.

وكانت أمنيات الحضور بأن تتمَّ انتخابات الرئاسة بالروح والشفافية ذاتها التي سادت الجولة الأولى، وأن يقبل الشعب بالنتيجة ولو جاءت بفارق واحد من المائة فقط، ما دام الحَكُم هو صندوق الانتخاب! وعلى المعارضة أن تمارس رقابتها وفق الضوابط الديمقراطيَّة ومعايير مكارم الأخلاق، لتمرَّ السنوات الأربع بسلام، ويأتي مجلس نيابي جديد يعبِّر بأمانة وتكافؤ عن فكر كافة أطياف الشعب وتطلُّعاتها، ويعطي شباب الثورة الذين صقلتهم الأحداث والرقابة القدرة ليلعبوا دورهم السياسي في البرلمان القادم ومنصب الرئاسة.

تمنَّى الجار لويس أن يتَّصف الرئيس القادم لكلٍّ من مصر وسورية بصفات الإمبراطور ميجي الذي مهَّد الطريق لبناء إمبراطوريَّة اليابان بانفتاحه على العالم وأخذ من الآخرين ما يخدم بناء الأمَّة. فلدى مصر وسورية من الإمكانيَّات البشريَّة والطبيعيَّة ما يؤهِّلهما ليكونا يابان الشرق الأوسط!

علَّقت رشا على مداخلة لويس بقولها: لو تمَّ ذلك السيناريو، لبطلت مقولة أنَّ في يد الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة كلَّ أوراق اللعبة، ولتوثَّقت علاقات العالم العربي حيث أقصى غرب القارة الآسيويَّة بدول أقصى القارَّة وشعوبها، كاليابان والصين وكوريا الجنوبيَّة وماليزيا وسنغفورة، ولطرحت ثمار التعاون في أسواق الدول الآسيويَّة العريقة بتاريخها وبعطائها للإنسانيَّة منذ فجر التاريخ.

أنهى الحضور المداخلات بشكر رشا على مساهماتها في إثراء الحوار، داعين بقلوب مؤمنة أن يَمُنَّ الله على شعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع بالحبِّ والسلم والخير.

محمَّد بشير علي كردي أديب وسفير سابق للمملكة العربية السعودية في اليابان

بان اورينت نيوز

الآراء المنشورة في زاوية "آراء" تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة بان اورينت نيوز



رأي