مواسم المؤامرات على المسلمين تبدأ مع مواسم الإنتخابات الغربية
معلومات مثيرة عن تفجيرات سبتمبر
مدريد- الأحد 1 أبريل 2012
بقلم محمد بشير علي كردي
خاص لوكالة بان اورينت نيوز
ما أن يحلَّ موسم الانتخابات في الدول دائمة العضويَّة في مجلس الأمن وما يرافقها من مساومات ومزايدات ودسائس حتَّى يضيق صدر بُنَيَّتي ويساورها القلق. فغالبًا ما تعود هذه المواسم بالضرر على الجاليات المسلمة والعربيَّة المقيمة في أراضي تلك الدول سواء أكانوا يتمتَّعون بجنسيَّاتها أو بالإقامة الدائمة أم المؤقَّتة فيها.
يخطِّط للدسائس فريق ثالث يهيمن اليوم على اقتصاد العالم وثرواته. كلُّ همِّه إزكاء نار الفتنة وإشاعة كراهية المجتمع المسيحي للإسلام وللمسلمين. يغتنم هذا الفريق المُغرض أيَّة أعمال فوضى أو احتجاج أو عنف تندلع قبيل موسم الانتخابات أو أثنائها، فيدخلها في خانة الأعمال الإرهابيَّة ويلقي بتبعاتها على أفراد أو مجموعات من الجاليات المسلمة أو العربيَّة حتَّى قبل أن تأخذ العدالة مجراها وتحقَّق في حادثة ما. في معظم الأحيان، يُقتل مَن أُشيع أنَّه مرتكب الجريمة ليُحال بينه وبين أخذ العدالة مجراها. فتموت الحقيقة بموته، وتبقى التهمة ثابتة ومؤكَّدة.
مثل هذا، شاهده جيلنا على شاشة التلفاز وهو ينقل موكب الرئيس الأمريكي جون كندي يوم 22 نوفمبر 1963 عابرًا شوارع مدينة دالاس بسيَّارة مكشوفة، لترديه قتيلاً رصاصة عن بُعد. أشيع آنذاك أنَّ هارفي أوزوالد كان الجاني. بعدها بيومين، قُتِل هارفي وهو في الطريق إلى المحكمة برفقة رجال الأمن بطلقات من مسدَّس اليهودي جاك روبي. لم يمضِ طويل وقت على روبي في السجن ليُعلن عن وفاته بسرطان الرئة، ليُسدل الستار بطريقة مسرحيَّة مريبة على محاكمة كان يُمكن أن تكشف خفايا "جريمة القرن"!
وهكذا، بقيت عمليَّة اغتيال الرئيس كنيدي مثار جدل عام حتَّى يومنا هذا، وكُتب عنها مئات المقالات والكتب. وما تزال أصابع الاتِّهام توجَّه لوكالة المخابرات الأمريكيَّة سي.آي.إيه (CIA) أو لجهاز استخبارات الاتِّحاد السوفييتي السابق (كي جي بي). وتراود كثيرين، أمريكيِّين وغيرهم، شكوكٌ بأنَّ اغتيال الرئيس كنيدي كان بإيعاز إسرائيلي بعد إصراره على تفتيش مفاعل ديمونه الإسرائيلي للتأكُّد من احتوائه قنابل ذرِّيَّة أم لا.
أثيرت وما تزال شكوك في حادثة برجي نيويورك. فقد تناقلت أخبار مفادها أنَّ عازل جدران المبنيَين كان يحتوي مواد مسرطنة، وأنَّ تفكيك هذه الجدران سينشر تلك الإشعاعات، فاشتراهما يهودي من بلديَّة نيويورك بثمن بخس، وأمَّن عليهما بمبلغ ضخم، ومن ثمَّ جرت عمليَّة نسفهما ليهبطا دفعة واحدة دون أن يتأثَّر سكَّان نيويورك بإشعاعات المواد المسرطنة! وهكذا بعمليَّة بسيطة واحدة، حقَّق مالك البرجين ما أراد من ربحٍ، وحقَّق واضعوا الخطَّة ما أرادوا. إلصاق التهمة بمسلمين حتَّى قبل أن تهدأ عاصفة الغبار التي أثارها التفجير، لتكون، كما جاء على لسان الرئيس بوش الابن، مقدِّمة لـ "حرب صليبيَّة" طالت شعوبًا مسلمة مغلوبًا على أمرها فقرًا وتخلُّفا. بدأت بأفغانستان ثمَّ العراق، والله أعلم أين منتهاها!
نشاهد اليوم في حادثة تولوز التي فوَّتت على العدالة الفرنسيَّة فرصة التحقيق مع المشتبه به محمَّد مراح، والتأكُّد من صحَّة ما نسب إليه من أعمال قتل وترويع، ودوافع الجريمة النكراء إن ثبت تورُّطه فيها. لقطات التصوير "فيديو" على الإنترنت ليست بالضرورة صحيحة وتؤكِّد ما نسب إلى "الجاني". فتقينه التصوير الرقمي قادرة على فعل الأعاجيب لإثبات ما يودُّ مروِّجها من شائعات.
حادث تولوز والمعركة الانتخابيَّة الرئاسيَّة الفرنسيَّة على أشدها، أعطى الفرصة لأعداء الإنسانيَّة والمجاهرين بحربهم على المسلمين بأن يوجِّهوا المتنافسين على كرسي الرئاسة للجهر أمام ناخبيهم عن ضيقهم بالوجود الإسلامي، والوعد بالحدِّ من هجرة المسلمين لحماية فرنسا من "الإرهاب"!، مقابل تمويلهم حملات المرشَّحين من المال الذي يهيمنون عليه.
يتناسى ساسة الغرب وزعماؤه سجلَّ الصهاينة الإرهابي الدموي، وأنَّ صنيعتهم إسرائيل منذ أن حلَّ اليهود في فلسطين مع مطلع منتصف القرن العشرين وطوال سنوات سيطرتهم عليها، وعلى أراضٍ عربيَّة غيرها، كان الإسرائيليُّون وما يزالون أعتى الإرهابيِّين وأكثرهم وحشيَّة ودمويَّة. وهاهم يقصفون اليوم بطائراتهم وسائل نقلٍ وسيَّارات فيها فلسطينيُّون بحجَّة أنَّ هؤلاء كانوا في طريقهم لتنفيذ عمل إرهابي داخل إسرائيل! أي أنَّهم اطَّلعوا على ما في الصدور، وعرفوا الغيب، فقتلوهم بدمٍ باردٍ وبدون أن يرفَّ لهم جفن، وكأنَّ الدم العربيَّ المسلم لا قيمة له. وكأنَّ هؤلاء الساسة الغربيِّين "دعاة" الإنسانيَّة والحقوق المشروعة للشعوب غافلون عمَّا يجري حولهم من إرهاب وقتلٍ وتشريد لشعب اغتُصبت أرضه وهُدرت حقوقه!
العُهدة العُمَريَّة التي قدَّمها الخليفة الراشد عمر بن الخطَّاب هي التي حفظت للمسيحيِّين ديانتهم ومقدَّساتهم في بلادنا. وليت الإعلام العربيَّ والإسلاميَّ لا ينسى أنَّ "الساكت عن الحقِّ شيطان أخرس"، وينشر في الإعلام العالميِّ تفاصيل تلك العهدة، وما تبعها من مواثيق وتعهُّدات أعطاها القائد المسلم صلاح الدين للنصارى حينما حرَّر بيت المقدس من مغتصبيه، وأن يبرز دور إخوتنا من مسلمي شمال أفريقيا وتركيَّا في إعادة الحياة إلى أوروبا بعرقهم وجهدهم ودمائهم بعد أن دمَّر الحربين العالميَّين الأولى والثانية بُنيتها التحتيَّة، وهدَّمت مدنًا وقرًى على مَن فيها، ليعرفوا أنَّ ديننا دينُ سلام وحبٍّ وتعايش بين الشعوب.
إنَّه فرض عَين لا كفاية على وسائل أعلامنا، فعندما يصمت الحقُّ، يستفحل الباطل. تختم بُنيَّتي مداخلتها بالقول أن الشرق شرق والغرب غرب، وأن اليابان درَّة الشرق لا تزال مبقيةً على الود واحترام الإنسان الذي كرمه الخالق جلَّت قدرته.
محمَّد بشير علي كردي أديب وسفير سابق للمملكة العربية السعودية في اليابان
بان اورينت نيوز