``الشيوخ أبخص`` و ``خسارة اليابان امتيازات الخفجي``

المدينة المنورة- الثلاثاء 13 سبتمبر 2011 /بان اورينت نيوز/
بقلم الكاتب الأديب محمد بشير علي كردي - خاص لوكالة بان اورينت نيوز

بُنَيتي، على ما يبدو لي تمهد الطريق للقيام معي برحلة إلى اليابان، فهي ومن وقت لآخر تستعرض الألبوم الذي يضم صورا لأصدقاء تعرفت عليهم خلال سنوات عملي في اليابان، تسأل من هم؟ وكيف تعرفت عليهم؟ وهل لا أزال على اتصال وتواصل معهم؟ وهل صحيح أن إقامة علاقات صداقة مع اليابانيين يتطلب مزيدا من الوقت عما هو عليه الحال مع الأوربيين؟ .

وفي جلسة أمس، وبعد أن نقلت لأم البنين تحيات صديقنا الياباني سايشو سان وحرمه بمناسبة عيد الفطر، تصفحت ابنتي ألبوم الصور وتوقفت لبعض الوقت عند صورة مشتركة لنا عام 1964 ومن ثم قالت بأنه لا داع للإجابة على سؤالها الأخير ما دام الاتصال متواصل مع صديق ياباني لما يقارب نصف قرن من الزمن.

وانتقلت لتسأل عن أهم إنجاز وأصعب فشل واجهتهما خلال سنوات عملي سفيرا لبلادي لدى اليابان، فأجبتها بأن الإنجاز – من وجهة نظري - هو مبنى السفارة الحالي القائم في أرقى أحياء طوكيو ولا يبعد كثيرا عن القصر الإمبراطوري ومقار الوزارات وكبرى الشركات، ويقف مبناه شامخا ليعبر عن قوة ومتانة العلاقات الودية بين بلدينا.

أما الفشل - وإن لم أكن طرفا فيه - فهو عدم التجديد لشركة الزيت العربية اليابانية في استثمار حقل الخفجي .

وقتها اشترطت وزارة البترول للتجديد قيام اليابان بمد سكة حديد بين وادي الجلاميد شمال المملكة إلى الرياض وصيانة وتشغيل السكة القائمة بين الرياض والدمام، ورأت شركة الزيت العربية اليابانية عدم الجدوى الاقتصادية، وتقدمت ببدائل من بينها تقديم مبالغ نقدية تمول المملكة بمعرفتها ما تحتاج إليه من مشاريع، أو مد سكك حديدية تربط المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بجده، ففي تقديرها أن مشروعا كهذا من شأنه أن يخدم العلاقات بين البلدين إلى ما شاء الله لما يقدمه من تسهيلات للحجاج والمعتمرين وهم من كافة بلدان العالم إضافة إلى المواطنين والمقيمين في المملكة، فكل من يستخدم وسيلة النقل المتطورة هذه سيذكر تعاون اليابان مع المملكة في تشييد هذا المرفق الهام.

ولم تنجح الوفود الرسمية اليابانية التي فاوضت المملكة في إحراز تقدم، وانتهى الآمر بتولي وزارة البترول نصيب المملكة في حقل الخفجي وحافظت الكويت على شراكتها مع اليابان.

وأذكر أنني بينت لولي الأمر أن حرص اليابان على مواصلة العمل في الخفجي هو أمر كرامة أكثر من ضرورة اقتصادية ملحة، فإنتاج الحقل متواضع قياسا على احتياجات اليابان من الطاقة، وقد يكون من مصلحة المملكة الإبقاء عليه ، وضربت لذلك مثلا وهو شراء أحدنا سهما واحدا من سوق الأسهم فتجده يراقب على الشاشة حركة سوق الأسهم بصفة مستمرة مع أن تلون السهم باللون الأخضر أو اللون الأحمر لن يؤثر على وضعه المالي، وكذا الحال مع اليابان، سيبقي هذا السهم المتواضع في استثمار الخفجي اليابانيون من مختلف شرائح المجتمع على متابعة لأخبار المملكة، ومن شأن متابعة كهذه فتح أبواب كثيرة وغير متوقعة لما فيه خير بلدنا ومستقبل شبابنا.

وتساءلت بنيتي عن الجهة التي كانت وراء تصلب وزارة البترول في موقفها وخروج شركة الزيت العربية اليابانية من قائمة المستثمرين في مجال الطاقة فأجبتها العلم عند ربي، والشيوخ أبخص كما يقول المثل، فعادت لتسأل عن معنى الشيوخ أبخص فأجبت بأن ما يراه أولي الأمر هو الأصح، فلديهم من الرؤى والحيثيات والوقائع ما لا يراه الفرد العادي مثلي ومثلك.

وأنهيت الحديث مع بنيتي بوعد التحدث معها عن ياماشيتا سان الذي حصل لليابان على امتياز الخفجي.

محمَّد بشير علي كردي: أديب وسفير سابق للمملكة العربية السعودية في اليابان

بان اورينت نيوز


سعد الخبايا: مارس. 22


اليابان والدول العربية