تورط البوليساريو في سوريا يُذكر بتصنيف اليابان لها كمنظمة مرتبطة بالقاعدة
توقيف عناصر بوليساريو في حلب
(إنترنت)
دمشق في 18 أبريل 2025 - بان أورينت نيوز- بقلم: فدوى غارسيا
كشفت وسائل إعلام أمريكية وسورية عن تورط عناصر مقاتلة من جبهة البوليساريو في عمليات القمع والقتل التي ارتكبها النظام السوري البائد برئاسة المخلوع بشار الأسد ضد شعبه، وبالتعاون مع ايران، ما يعيد إلى الأذهان تصنيف السلطات الأمنية اليابانية لهذه الجبهة بأنها مجموعة مرتبطة بمنظمة القاعدة في المغرب الاسلامي وغيرها من الجماعات الإرهابية.
وجاء في تحقيق استقصائي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 12 أبريل الجاري وانتشر عربياً وعالمياً أن السلطة الجديدة في دمشق "اعتقلت مئات المسلحين التابعين لجبهة البوليساريو في سوريا جرى تسليحهم وتدريبهم من قِبل إيران لتنفيذ عمليات واسعة تتماشى مع مصالح البلدين."
وأفادت البوست بأنها استقت معلوماتها من مصادر أمنية إقليمية وأوروبية كشفت عن أن "أن مئات المقاتلين من البوليساريو تدربوا على عمليات مسلحة في سوريا بدعم من إيران، وشاركوا في شبكاتٍ إقليمية تهدف إلى توسيع النفوذ الإيراني. وبين المعتقلين في سوريا، جنرال من الجيش الجزائري و500 من الجنود الجزائريين وجبهة البوليساريو."
ويضيف تقرير البوست أن "إيران ركزت على تجنيد وكلاء وحلفاء جدد لتعويض خسائرها الاستراتيجية وتهاوي نفوذها الإقليمي بعد تآكل وكلائها التقليديين نتيجة الأحداث الجارية في المنطقة، وبأن الايرانيين يبحثون عن مناطق بديلة لبسط هيمنتهم، وقد وجدوا في منطقة شمال أفريقيا وتحديدا الأراضي المغاربية ضالتهم المنشودة، وهو ما يفسر اهتمام طهران بتدريب مقاتلي جبهة البوليساريو التي تطالب بتأسيس جمهورية صحراوية مستقلة في الصحراء الغربية، بحيث يصبحوا ممثلين للمصالح الإيرانية في شمال افريقيا على غرار نموذج المليشيات المسلحة المدعومة ايرانياً في سوريا والعراق وايران."
"وبينما تقدم الجزائر منهجياً دعماً شاملاً مالياً ولوجستياً ودبلوماسياً للبوليساريو لتأسيس ما يسمى بجمهورية الصحراء، فإن دولاً عديدة بينها فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة تؤيد المبادرة المغربية وسياستها المتعلقة بالصحراء متمثلة بإقرار الحكم الذاتي لحل هذا النزاع".
وقد صنف دليل الإرهاب الدولي لسنتي 2013 و 2014 الصادرعن وكالة الأمن العام الياباني PSIA "جبهة البوليساريو كمنظمة مرتبطة بالتنظيم الارهابي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
وكان فهد المصري رئيس جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا كشف في مقال له على صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "حزب الله والميليشيات الموالية لإيران يتوسعون في احتلال أراضي سورية وإنشاء قواعد جديدة لهم فيها وينقلون اليها عناصر مسلحة باشراف الحرس الثوري الإيراني الذي أرسل إلى جنوب سوريا حوالي 200 عنصر من جبهة البوليساريو بتعاون ودعم من الجزائر وإيران وتمركزوا بشكل خاص في مطار الثعلة العسكري وكتيبة الدفاع الجوي في السويداء وفي اللواء التسعين الذي يبعد بنحو 20 كم فقط من الجولان". وأضاف المصري، "إيران كانت تدرب عدداً من عناصر البوليساريو في مواقع الجيش السوري في ريف درعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة".
وحسب المعلومات التي كشف عنها المصري فإنه بعد بوادر انهيار نظام الأسد حليف ايران في سوريا، "أجرى الايرانيون تغييرات تكتيكية متسارعة في المنطقة تضمنت إخلاء حزب الله مواقع عديدة جنوب سوريا قبالة هضبة الجولان وحلت محلها ميليشيا الحشد الشعبي التي جَنُّسُ نظام الأسد أغلب عناصرها."
وبالاستناد على تقرير"واشنطن بوست" كتب بديع الحمداني على موقع "الصحيفة" الإلكتروني في 13 أبريل 2025 أن قوات الأمن السورية الجديدة "أوقفت المئات من مقاتلي البوليساريو في سوريا الذين كانوا يقاتلون إلى جانب بشار الأسد في قمع الشعب السوري، وتستعين بهم إيران حالياً لخلق اضطرابات وزعزعة استقرار الحكومة الانتقالية الجديدة."
ورأى الحمداني أن هذا التقرير يعزز ما سبق وكشفت عنه إذاعة مونت كارلو الدولية نقلاً عن مراسلها في دمشق عُدي منصور الذي كَشَفَ في شهر فبراير الماضي عن أن "الرئيس السوري أحمد الشرع رفض طلباً تقدم به وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بشأن إطلاق سراح معتقلين من الجيش الجزائري وعناصر من ميليشيات البوليساريو كانوا يحاربون إلى جانب نظام بشار الأسد المخلوع في محيط حلب، وأن هيئة تحرير الشام ألقت القبض عليهم في هجوم شنته أواخر نوفمبر 2024". ويقول المصدر نفسه بأن "الرئيس الشرع أبلغ وزير الخارجية الجزائري بأن بين المعتقلين جنرال جزائري برتبة لواء وحوالي 500 جندي من الجيش الجزائري وميليشيات البوليساريو، وسوف يخضع جميعهم للمحاكمة مع فلول الأسد الذين تم القبض عليهم" وبأن "الرئيس الشرع أكد أن جميع المقاتلين، جزائريين وبوليساريو، سيعامَلون وفق القواعد الدولية المنظِمة لمعاملة أسرى الحرب."
وكشفت تفاصيل إضافية عن تورط البوليساريو والجزائر وايران مع نظام الأسد المخلوع حسبما جاء في مقالة كتبها محمد ولد البواه تحت عنوان "سجناء البوليساريو الانفصاليين المحتجزين في سوريا يؤكدون ارتباطهم بإيران" نشره في 15 أبريل على موقع لو360 الإلكتروني المغربي ar.le360.ma . وجاء فيه أن "مراسلي واشنطن بوست توجهوا إلى مدينة تدمر الأثرية في سوريا، حيث استقر مقاتلو البوليساريو جنباً إلى جنب مع المئات من مقاتلي لواء 'فاطميون' وهي ميليشيا شيعية أفغانية دفعت بها إيران أيضاً إلى سوريا" وأكد التقرير، حسب موقع لو360، أن "سقوط نظام بشار الأسد ساهم في كشف حجم الميليشيات التي أدخلتها إيران إلى سوريا ودعمتها هناك."
وفي مقاله حذر محمد ولد البواه من أن "المحور الإيراني-الجزائري لا يزال أكثر صلابة مما يُعتقد، وهذا تؤكده الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، إلى الجزائر في الأسبوع الماضي". ورجح أن "مصير المرتزقة الجزائريين وعناصر البوليساريو المحتجزين في سوريا قد طُرِحَ خلال هذه الزيارة". وجاء ذلك في مقال آخر على نفس الموقع حمل عنوان "سوريا تصفع الجزائر: زيارة عطاف تفشل في تحقيق أهدافها وتتحول إلى انتكاسة دبلوماسية".
وأضاف تقرير الصحيفة الأمريكية بأن سقوط الأسد المخلوع واستلام السلطات السورية الجديدة لمقاليد الحكم في سوريا أدى إلى تعطيل وتفكيك الجسر البري الذي بسطت طهران نفوذها الإقليمي من خلاله عبر عقود من الزمن عندما عملت على تسليح حزب الله اللبناني وحلفاء آخرين بالمال والعتاد لتوسيع نفوذها في الدول العربية وخاصة سوريا ولبنان والعراق.
وكتب محللون بأن هذه التطورات والمعلومات التي استندت إلى مصادر أمنية إقليمية وأوروبية، أثارت النقاش مجدداً حول طبيعة أنشطة جبهة البوليساريو، خاصة في ظل اتهامات متكررة لها بالارتباط بجماعات مسلحة في منطقة الساحل الافريقي والصحراء، ما يثير احتمال تصنيف الولايات المتحدة لها كمجوعة "إرهابية".
ويأتي تقرير الواشنطن بوست في سياق تزايد الدعوات داخل الكونغرس الأمريكي، بقيادة نواب مثل جو ويلسون، إلى تصنيف البوليساريو ضمن قوائم الإرهاب، مستندين على تقارير استخباراتية تربط البوليساريو بأنشطة تهدد الأمن الإقليمي. ومع دعم الإدارة الأمريكية المتجدد لمقترح الحكم الذاتي المغربي يتوقع دبلوماسيون أن هذه المعلومات الجديدة عن تورط البوليساريو بعمليات في سوريا بتكليف إيراني سوف تساهم في تسريع تصنيف الأمريكيين للجبهة كتنظيم إرهابي.
وأوضح تقرير صادر عن جريدة هسبريس، أن “أنشطة البوليساريو (برعاية إيرانية) ليست وليدة اللحظة، بل تندرج ضمن نمط متواصل تتبعه قيادات بارزة في الجبهة، ضالعة في تشكيلات إرهابية منظمة، إلى جانب عمليات تهريب وتجارة غير مشروعة عابرة للحدود”، واعتبر التقرير أن ما نشرته “واشنطن بوست” ليس إلا "الشجرة التي تخفي الغابة"، إذ ان جبهة البوليساريو "تتستر على أنشطة محظورة أوسع بكثير".
وتؤكد هذه التقارير الإعلامية الأمريكية ما سبق وأكدته المخابرات المغربية عن ضلوع السفارة الإيرانية في الجزائر في تسليح وتدريب مقاتلين وتصنيع أسلحة، بإشراف عناصر مقاتلة من حزب الله اللبناني".
وتخلص البوست إلى القول بأن المعلومات الواردة في تقريرها تعزز الدعوات الغربية المتكررة إلى تصنيف البوليساريو كجماعة إرهابية، ولاسيما بوجود أدلة على ارتباطها بجماعات ضالعة في الارهاب مثل القاعدة وبوكو حرام، فضلاً عن تلقيها تدريبات من حزب الله بتمويل إيراني”. كما كشف التقرير عن أن قيادات جبهة البوليساريو تستفيد من أموال مشبوهة تمول استثماراتها العقارية والتجارية في دول الكاريبي وغيرها". وتساءل التقرير عن مصادر ثروات قيادات البوليساريو مرجحاً أن تكون غير قانونية وتتضمن أرصدة من عائدات البترول الجزائري أو مصانع المخدرات (الكبتاغون) في سوريا والتي اكتشفتها موخراً الحكومة السورية الجديدة.
وأشار التقرير ايضت إلى أن “هذه الأنشطة بدأت تتكشف منذ الربيع العربي، إذ انضمت عناصر من الجبهة إلى جماعات متطرفة قادمة من العراق وسوريا، مستغلة الفوضى لتوسيع نفوذها في الساحل الافريقي والصحراء"، وأردف بأن "التصنيف الأمريكي لجبهة البوليساريو كجماعة إرهابية سوف يكون خطوة موضوعية في الإتجاه الصحيح تتناسب مع حجم التهديد الذي تمثله". واعتبر تقرير البوست بأن "البوليساريو ليست مجرد جماعة إرهابية، بل غدة سرطانية تعيق التنمية وتزعزع الاستقرار في شمال إفريقيا" على حد وصفه. (بان اورينت نيوز)