اليابان تقول للعالم: نحن أيضاً لدينا معتوهون قتلة

ساتوشي يوماتسو مرتكب المجزرة ضد المعاقين

طوكيو – الأربعاء 27 يوليو 2016 / بان أورينت نيوز/

بقلم فرد فاركو

هل توقعتْ قواتُ الشرطة العسكرية في طوكيو أن يقتحم شاب دار رعاية للمعاقين ويقتل 19 شخصاً؟ كيف يمكنهم أو يمكن لأحد أن يتوقع ذلك، يتساءل المرء...

لقد كان الهجوم عملاً آخر من أعمال العنف الفردي العشوائي. ولكن في حقيقة الأمر فإنه لم يكن كذلك.

ساتوشي يوماتسو، الشاب الذي اعترف بارتكاب العملية في مدينة ساغاميهارا غرب طوكيو أعرب عن نواياه في رسالة إلى رئيس مجلس النواب في البرلمان في فبراير. وكتب يوماتسو في رسالة إلى تاداموري أوشيما "يمكنني أن أمحو ما مجموعه 470 فرداً" في فبراير الماضي قبل وقت قصير من نقله إلى مصح للأمراض العقلية "خوفاً من أنه قد يؤذي آخرين".

وبعد أن قرر الطبيب أن مريضه قد "تحسن" في وقت مبكر من مارس، سمح له بالخروج من المصح. ونتيجة لذلك، لقي 19 شخصاً حتفهم وأصيب العشرات بجروح خطيره.

إن قتل 19 شخصاً بدم بارد عمل مجنون بما فيه الكفاية ولكن لم يُحْجَر على يوماتسو حتى بعد أن ادّعى "قد أكون قادراً على إنعاش الاقتصاد العالمي".

وعلى عكس أوروبا والولايات المتحدة، حيث ينصب الاهتمام على القتلة "الإسلاميين" و"العرب" والمهاجرين، أمام اليابان حاجة ملحة للنظر في واقعها؛ الأعمال الإرهابية في اليابان إنتاج محلي حصري تقريباً.

لقد كانت اليابان عرضة إلى الإرهاب الديني عندما وقعت هجمات طائفة الموت البوذية أوم شينريكيو بقيادة المرشد الروحي الغريب الأطوار شوكو أساهارا. وبعد أن فشل المذكور في خلق تأثير على المشهد السياسي، تعهد أساهارا بالانتقام من أعدائه الوهميين بتسميمهم بغاز السارين أو، في أقل اللحظات الملهَمة، فقط خنقهم (بينهم رضيع يبلغ من العمر سنة واحدة).

ورغم التحذيرات، كانت الشرطة اليابانية بطيئة في الرد على تهديد طائفة أوم الإرهابية، حيث ترددت في مواجهة جماعة دينية قوية.

وبينما كانت الشرطة سعيدة للرد بطريقة رد الفعل على أوم شينريكيو، إلا إنها لا تزال بطيئة في وأد الخطر في مهده. وعدد من ضحايا الملاحقة قتلوا أو هوجموا مؤخراً على الرغم من إخطار الشرطة.

والإرهابيون السياسيون الأكثر شهرة في اليابان هم عناصر الجيش الأحمر الياباني، الذين اختاروا تصدير الإرهاب إلى الشرق الأوسط بدلاً من القيام بأعمال داخل البلاد، رغم أنهم خطفوا ثلاثة طائرات تابعة للخطوط الجوية اليابانية وقتلوا عدداً من رفاقهم المنشقين. وبينما وقعت حوادث خطيرة في اليابان، إلا أنها كانت بسيطة نسبياً مقارنة مع الحوادث في الخارج مثل الهجوم على مطار اللد.

والقتل الجماعي في اليابان دائماً يرتكبه أفراد مختلون، وكثير منهم، مثل يوماتسو، يسلمون أنفسهم بهدوء إلى مركز للشرطة بعد ارتكابهم جريمة.

وترددت أصداء حادث نيس، عندما قاد عامل ياباني مؤقت شاحنته في شارع مزدحم ويدهس الناس قبل أن يخرج من الشاحنة ويبدأ بطعن الناس حتى الموت إلى أن ألقي القبض عليه. وحصلت الحادثة منذ سنوات.

وادعى عدد من القتلة في اليابان أنهم ارتكبوا جرائم القتل لأنهم "يريدون فقط أن يكتشفوا ما الذي يكون عليه قتل شخص ما". وبدلاً من استهداف جماعات معينة في المجتمع، يجب على اليابان أن تكون حذرة من الأفراد الذين لم يعودوا قادرين على تحمّل حياتهم. والمجتمع الياباني قائم على النظام الاجتماعي والامتثال، ولكن عندما يكون عبء الالتزام أكبر من أن يُحتمل، يتم كسر القيود وتستتبعه الفوضى.

ويينما تمر البلاد في ظروف اقتصادية صعبة، يزداد مستوى الفقر في اليابان بسرعة كما أن الحكومة لا تفعل سوى القليل لمساعدة أولئك الذين على الطرف الأدنى من النطاق الاقتصادي. ونتيجة لذلك، يجد الأفراد صعوبة في التعامل مع الوضع. وليس أمراً غير مألوف رؤية الناس يتحدثون إلى أنفسهم في الشارع أو يحتالون على الوقت وهم داخل "قطار الخط الدائري" في طوكيو يبقون في القطار لساعات دون هدف محدد.

وأوجه الشبه مع الهجمات الأخيرة في الغرب واضحة؛ الأفراد الذين ليسوا قادرين على تحمل أوضاعهم. وبينما ينظر الغرب إلي فشل الدين في السيطرة على النوايا الإجرامية، تنظر اليابان إلى فشل المجتمع. ولكن في الواقع، أليس الأمران سيّان؟

فرد فاركو (Fred Varcoe)، صحفي بريطاني مستقل مقيم في تشيبا، اليابان

بان اورينت نيوز



رأي