كتاب يكشف محاولات تحويل اليابان إلى دولة كاثوليكية ماسونية بعد الحرب
طوكيو- الجمعة 22 يوليو 2011 /بان اورينت نيوز/
في أعقاب دمار الإمبراطورية اليابانية واستسلامها في أغسطس عام 1945 عند نهاية الحرب العالمية الثانية, ساد البلاد "فراغ روحي" أراد حاكم البلاد آنذاك، الجنرال دوغلاس ماك آرثر، أن يملأه بالدين وأفكار فلسفية جديدة على اليابان، وتحديداً من المسيحية إلى الماسونية.
وفي غضون محاولات الترويج للماسونية من قبل ماك آرثر، وهو عضو كنيسة أسقفية ورع وماسوني نشيط، كان الإمبراطور الياباني هيروهيتو يسعى إلى إقامة علاقات وثيقة مع الفاتيكان. وكان الكرسي البابوي، المعروف بعداوته للماسونية، يتنافس مع الأخوية لتصدير نفوذه إلى يابان ما بعد الحرب.
وهذه المنافسة على روح أمة مهزومة هي جوهر كتاب جديد حول احتلال اليابان 1945-1952 للمؤلف والصحفي الاستقصائي إيتشيرو توكوموتو عنوانه "1945 تحت ظل الاحتلال: الحجر الماسوني والصليب."
ويوثق توكوموتو في كتابه مساعي ماك آرثر لإقناع المبشرين على تعزيز جهودهم بين السكان اليابانيين بأمل تحقيق توازن في وجه الدعوات المتزايدة للشيوعية في السنوات الوليدة للحرب الباردة.
وقد ألف توكوموتو كتابه استناداً إلى العديد من الوثائق المنشورة حصل عليها في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. وكان بينها تقرير اجتماع بين ماك آرثر وأسقفان كاثوليكيان أمريكيان، جون إف أوهارا ومايكل جي ريدي، في صيف 1946.
وبعد رحلة لمدة ثلاثة أسابيع حول اليابان، اجتمعا فيها برجال دين وقادة سياسيين إضافة إلى أفراد العائلة الإمبراطورية، أخبر الأسقفين الفاتيكان أن ماك آرثر شجع الكنيسة الكاثوليكية كي تسعى إلى جعل اليابانيين يعتنقون الكاثوليكية بشكل جماعي.
وقال الأساقفة "طلب منا الجنرال ماك آرثر الحث على إرسال آلاف المبشرين الكاثوليكيين – حالاً...وقال: لديكم سنة لتغيروا فيها (عقيدة) الشعب الياباني كي يصبح تابعاً للكنيسة الكاثوليكية. لقد نشأ فراغ هائل بسبب هزيمة اليابانيين، فراغ روحي يمكن أن يملأه أي شيء."
وطبقا للأساقفة، اعتقد ماك آرثر، من خلال تجربته في الفيلبين، أن لدى الكنيسة الكاثوليكية جاذبية خاصة لليابانيين لأن تقليد السعي إلى الخلاص "يجذب الشرقيين."
وأكد ماك آرثر اهتمامه في تشجيع التحول الديني الجماعي لليابانيين أثناء زيارة الكاردينال الاسترالي نورمان غيلروي والأسقف توماس ماكابي من أواخر شهر نوفمبر 1946. وأرسل الكهنة تقريراً إلى الفاتيكان، الذي أثبت أن استراتيجية ماك آرثر المعادية للشيوعية كانت وراء الاقتراح.
وجاء في رسالة الكهنة "يخشى الجنرال أنه إذا لم ترسل الكنيسة جيشاً من المبشرين المتحمسين بسرعة إلى اليابان، فإن عملاء الشيوعيين سيكسبون المرتدين الذين يجب أن تكسبهم الكنيسة."
واتفق الكرسي البابوي مع هذا الرأي. وفي مذكرة بعنوان "بعثات تبشيرية في اليابان" مؤرخة في 9 نوفمبر 1946، ذكرت وزارة خارجية الفاتيكان إن الوضع آنذاك كان لصالح الكنيسة الكاثوليكية. وقالت "لا يمكن ترك مستقبل اليابانيين في أيدي البروتستانتيين، الذين بدأوا عملاً متنوعاً واسع الانتشار من الدعاية، ولا في أيدي الشيوعيين الذي سيستفيدون من الوضع المحزن للشؤون الاقتصادية لنشر نظرياتهم الخبيثة."
وتشير السجلات أيضاً أن الإمبراطور هيروهيتو كان يسعى إلى علاقات وثيقة مع البابا Pius الثاني عشر، وتبادل الاثنان الرسائل عن طريق طرف ثالث. وكان البابا ذو دور فعال في إطلاق بعض أسرى الحرب اليابانيين والحصول على عفو عن مجرمي الحرب المتهمين.
وفي هذه الأثناء، حاول ماك آرثر أيضاً الترويج للماسونية، التي تم قمعها أثناء الحرب. وفي رسالة إلى المنظمة الماسونية في اليابان في 1949، قال "تقدم عملية إحياء الهيئات الماسونية في اليابان منذ الاستسلام بعد الحرب يخلق أحد الحصون الروحية القوية التي تدعم الاحتلال. وتحديداً من خلال التعاليم الثابتة الشائعة عند المسيحية، إلى الديمقراطية، ثم إلى الماسونية كفلسفة تؤكد سياسة الاحتلال."
وتحول ماك آرثر إلى سيد ماسوني Master Mason في يناير 1936 في مانيلا، حيث كان آنذاك مارشال الجيش الفلبيني. وينص سجل عضويته أنه تم تكريم الجنرال بالدرجة الفخرية الثالثة والثلاثين للمذهب الاسكتلندي في ديسمبر 1947 في السفارة الأمريكية في طوكيو.
وبين مساعدي ماك آرثر الكبار كان الأدميرال بينتون دبليو ديكر، قائد قاعدة يوكوسوكا البحرية، الذي فتح عدة محافل ماسونية. وكتب في رسالة إلى محفل ماسوني في الخارج: "تحت القيادة الحكيمة والخيرة للجنرال ماك آرثر، وجدت اليابان المهزومة أملا جديداً. لقد قدم الاحتلال لتلك البلاد الجاهلة انطلاقة نحو ثقافة مسيحية وشكلاً ديمقراطياً للحكومة... لقد اتبعتُ بشكل نشيط ومخلص سياسات ضابطي الكبير وأخي الماسوني، الجنرال ماك آرثر، الذي يقتدي دائما بالمبادئ المسيحية وعقائد الماسونية الحرة."
وبين الجيل الأول للماسونيين اليابانيين في فترة ما بعد الحرب كان هناك أعضاء في البرلمان الياباني، ومنهم إيتشيرو هاتوياما، الذي أصبح رئيس وزراء، بالإضافة إلى رجال أعمال وحتى أحد أفراد العائلة الإمبراطورية، وهو الأمير هيغاشيكوني ناروهيكو، عم الإمبراطور.
ويوضح المؤلف توكوموتو أنه "في عام 1945، مرت اليابانيون في انهيار كامل للإيمان - في جيشهم المنيع، وفي نظامهم الإمبراطوري، الذي كان يؤمن بديانة "الشنتو الرسمية."
ويضيف المؤلف توكوموتو أن "ماك آرثر كان مهتماً جداً بالعلاقة بين السياسة والدين في اليابان، وأراد إصلاح تفكير وعقيدة الشعب الياباني بالإضافة إلى التأكد من أن الشيوعية لم تسد الفراغ في عقول وقلوب الناس."
بان أورينت نيوز