أنا والجريئة: المخرجة المصرية إيناس الدغيدي تتحدث إلى الفاتح
الفاتح ميرغي يحاور الجريئة إيناس الدغيدي
الجزء الثاني-
الفاتح ميرغني: قمتِ في فيلم (الباحثات عن الحرية) باختيار ممثلة من المغرب ومن لبنان ومن مصر، لماذا حدث هذا التنوع في الاختيار؟ وهل كان لديك رؤية وفكرة معينة؟
المخرجة إيناس الدغيدي: كنت أريد أن أكون واقعية جداً لأن قصص الفيلم مكتوبة في فرنسا، والثلاث فتيات يمثلن العالم العربي ، فرغبت في أن تكون كل ممثلة موجودة في بلدها، الفتاة المغربية تظل في المغرب وتتحدث اللهجة المغربية ، وكذلك الفتاة المصرية ، وكذلك الفتاة اللبنانية التي تعاني نفسيا من آثار الحرب ، وأعتقد أن هذا التنوع أضفى حلاوة على الفيلم، فالواقعية مع التنويعة المختلفة من الفتيات الثلاث والأضواء والبلاد أضفت على الفيلم بعدا جميلا ، ومن وقتها اتجه صناع السينما المصرية إلى إحضار الفنانين العرب والعمل معهم ، وأنا على يقين بوجود ممثلين عرب على درجة كبيرة من الموهبة والاحترافية لكن لا يوجد لديهم صناعة سينما.
الفاتح ميرغني: الباحثات عن الحرية، هل حقيقة سعت إيناس الدغيدي لأن تكشف بعض النفاق الاجتماعي أو الازدواجية الاجتماعية لدى البعض الذي يظهر في مجتمعه الأصلي بشكل ويظهر في المجتمعات الأخرى، مثل فرنسا وأمريكا، بشكل آخر؟ هل
هذا كان من أهداف الأستاذة إيناس الدغيدي؟!
المخرجة إيناس الدغيدي: أنا شخصياً لا أستطيع أن أعيش خارج مصر، نعم يمكن أن أسافر إلى بلاد عديدة وأتعرف عليها وعلى ثقافتها وأتمتع بما فيها من جماليات، لكن في نهاية الأمر يجب أن أعود إلى بلادي، فكل إنسان لديه وطن يحنو إليه لسنا نحن الوطنيين فقط ، فكل إنسان يحب بلده ويرتبط بها، وهذه صفة عامة لا تميز شخصا عن آخر ، يمكنك أن تذهب إلى بلد آخر غير موطنك الأصلي لتجد فيه مصدر رزقك لكنك في يوم سترجع إلى بلادك التي تحنو إليها ، بدليل أن هناك الكثير سافر إلى بلاد أخرى وصار لديهم ثروات ومناصب عليا لكنهم في نهاية الأمر يُعلن انه يريد الرجوع الى بلده وان يُدفن فيها ، وصفة الحنو إلى الوطن هي صفة عامة ليست قاصرة على المصريين أو العرب فقط بل تشمل العالم كله فهي صفة أصيلة في بني الإنسان ، فأنت ترجع إلى أصولك إلى بيتك وتربيتك وقيمك، نعم يمكنك أن تغير وتطور وتحسن لكن في النهاية لن تخرج عن هذا الإطار، أنا اتُهمت في أفلامي أن رغم عقلي المتفتح وشخصيتي الحرة والجريئة إلا أنني أقدم حلولا فيها نوع من التزمت أو موافقة لعادات وتقاليد مجتمعنا، ففي فيلم مذكرات مراهقة تجدني أحث الفتاة على أن تعيش حياتها كما يحلو لها وأقدم لها تحذيراً بأنها ستواجه العديد من القيود التي يفرضها المجتمع، فأمامك خياران إما أن تستطيعي مواجهة المجتمع وتعيشي كيفا شئت، وإما أن تخضعي لقيوده، وفي النهاية الفتاة تُعلن أن تلك القيود قد دمرت عاطفتها ومشاعرها الداخلية وأنها صارت جزءا من ......
الفاتح ميرغني: بمناسبة مذكرات مراهقة، البعض وجه نقدا للفيلم في بعض المشاهد، فالممثلة آثار الحكيم كان عندها رؤية في أن المشهد الجنسي في الفيلم كان احترافيا بأكثر من أنه مشهد جنسي عفوي بين طالبة في فترة المراهقة، وتوعدتك ببعض الآيات القرآنية.
المخرجة ايناس الدغيدي:أولا، السوشيال ميديا اتاحت أشياء لم تكن متوفرة للشاب أو الشابة حتى عهد قريب. ثانيا، أنا لست ضد الدين ، لكن السينما لن تحاكم أخلاقيا ، فالسينما تنقل واقعاً موجوداً سواء كان أخلاقياً أو غير أخلاقي ، وأنا لن أقوم بعمل فيلم من أجل إظهار أن كل شيء في الدنيا جيد وحسن، الدراما _ في الأساس _ تأتي من الشخصية المعادية للأشياء الجيدة ، وذلك لإظهار الضدين أي الجيد والسيء ، فلو أن كل شيء في الحياة يسير بطريقة سوية وجيدة وليس فيها قصور فلا فائدة من قيامي بعمل فيلم لإظهار تلك المحسنات، لابد أن يكون هناك تضاد لتثبت ما تريد أن تقوله ، فالحياة كلها تضاد، فكما يوجد الجيد يوجد أيضاً السيء ، والحكمة تقول: " بضدها تتميز الأشياء".
الفاتح ميرغني: قدمتِ للسينما المصرية العديد من الأفلام مثل استاكوزا ودانتيلا وغيرها من الأعمال الناجحة، هل سبق لك وأخرجتِ فيلماً وشعرتِ بالندم على خوضك لهذه التجربة؟
المخرجة إيناس الدغيدي: لا يوجد فنان أو عالم أو حاكم أو أي إنسان إلا ولديه إنجازات أكبر من إنجازات أخرى، حتى أنت كصحفي لديك مقالات وحوارات أقوى من غيرها، فكل منا لديه مستويات مختلفة في عمله، كذلك أنا لدي أفلام قمت بإخراجها لكنها لم تحظ بإعجابي ، وهناك أفلام لم أوفق فيها ، لأن الفيلم السينمائي - كما قلت سابقا – عمل جماعي ، فأنا وفريق العمل نتقارب أحيانا ونتنافر أحيانا أخرى، لكن هذا التنافر ليس واردا منذ البداية بيننا، كذلك يمكن أن تقوم بعمل فيلم لا يتقبله الجمهور في فترة معينة ، وأحيانا تجد فيلما لم تتوقع له النجاح لكنه ينجح، فلو نعلم أسباب نجاح الفيلم السينمائي ما حدثت خسارة مادية لأي منتج سينمائي، ففي أمريكا يوجد أفلام تجني أموالاً طائلة، وأفلام أخرى يصرف عليها الكثير ولا تجني شيئا...
الفاتح ميرغني: بدليل وجود التعبير الهوليودي "بوكس أوفيس بومب". وهو تعبير يطلق على الفيلم الذي تصرف عليه ملايين الدولارات بينما لا تكفي عائداته لتغطية أجر الممثلين.
المخرجة إيناس الدغيدي: مشكلة السينما – كما قلت لك -أنك تعجز عن عمل دراسة جدوى لها، لأنها متوقفة على تلقي المشاهد للفيلم، وعلى كون الجمهور محتاجاً لهذه النوعية من الأفلام أم لا؟ أما نجاح الفيلم فذلك يرجع إلى توفيقٍ من الله. هناك أفلام كنت أحلم أن أقوم بعملها، ففي فيلمي الأخير (مجنون أميرة) كنت أريد معالجة مشكلة صراع الحضارات، وأردت معالجة هذه القضية من خلال موضوع الفيلم (فنتازيا)، لكن السيناريو لم ينجح في توصيل الفكرة إلى المشاهد على عكس ما توقعت، لكن مهمة الفيلم هي الصراع بين حضارات اليوم، فكما نرى العالم يتصارع من حولنا، وقدمت الفيلم من خلال الأميرة ديانا التي تمثل الحضارة الغربية و (ابن محمد الفايد) ......
الفاتح ميرغني: فعلا الأميرة ديانا سبنسر تجسد هرم الحضارة الأنجلوساكسونية، وبالنظر إلى ما جرى، فإن فكرة الصدام الحضاري تبدو شديدة الاثارة....
المخرجة إيناس الدغيدي: أنا قمت بمعالجة الفكرة بشكل فني لأن الأميرة ديانا ترتبط برجل مصري، فذلك يبدو وكأنه حلم، الحقيقة أني لم أنجح في توصيل الفكرة، فالفكرة أكبر من إمكانياتنا نحن المصريين، فلن نستطيع تمثيلها كسينما وسيناريو، لكن يمكن في أمريكا تنفيذ الفكرة بشكل عظيم ورائع، نعم أنا لم أستطع توصيل تلك الفكرة للناس، لكن الفيلم عموماً كان عن صدام الحضارات.
الفاتح ميرغني: أستاذة إيناس في برنامج " قهوة الصباح" مع التليفزيون الأردني تحدثتِ عن نجم وهو حفيد إحسان عبد القدوس وزبيدة ثروت ....
المخرجة إيناس الدغيدي: سوف يقوم بدور في المسلسل الجديد ....
الفاتح ميرغني: هل تُراهنين عليه من حيث الموهبة؟
المخرجة إيناس الدغيدي: أنا لا أستطيع قول ذلك في الوقت الراهن، لأني سأقوم بدراسته أولا. في الحقيقة هو يحب التمثيل، وقام بالدراسة في أمريكا، لكن الشيء الذي ينقصه هو اللكنة العربية، وهو حالياً يقوم يتعلمها.
الفاتح ميرغني: سمعت عن موضوع فيلم حول سيدة نساء العالمين مريم العذراء. هل هذا صحيح؟
المخرجة إيناس الدغيدي: لا ... أنا لم أتحدث عن عمل هذا الفيلم، لكنني سئلت في مؤتمر صحفي عن السيدة مريم وقلت إن مثل هذه الشخصية يجب أن تُدرس جيدا ويجب القيام بعمل فيلم عنها، لكني أتخيل أن هذا أمر صعب للغاية.
الفاتح ميرغني: كان هناك مشروع لإنتاج فيلم عربي عراقي، لكنك خفتِ من التجربة مثل ما قلتِ في الأردن هذا ....
المخرجة إيناس الدغيدي: لا أنا لم أخف، لكن تحديداً في هذا التوقيت حدثت مشاكل في العراق، وكان من الظاهر أن العراق سيدخل في مشاكل عديدة، وبالفعل كنت ذاهبة إلى العراق من أجل مقابلة من سأقوم بعمل الفيلم معه لكن أصابتني وعكة صحية فلم أذهب، وبعد أسبوع من هذا التوقيت ضُرب العراق من أمريكا، ولو كنت ذهبت إلى العراق ما كنت رجعت مرة أخرى. فالحمد لله.
الفاتح ميرغني: لماذا لجأتِ إلى برامج التوك شو. هل تجدين ذلك بديلا للسينما؟
المخرجة إيناس الدغيدي: لا ليست " توك شو" أنا قمت بعمل برامج ...
الفاتح ميرغني: استضفتِ عددا كبيرا من النجوم (عمر الشريف وسياسيين ورجال أعمال) ما هو تقييمك للبرنامج؟
المخرجة إيناس الدغيدي: في الحقيقة أنا قمت بعمل هذا البرنامج، لكني لم ألجأ إليه بل تم عرضه علي وأنا قبلت ، ومنذ زمن قمت بعمل برنامج في روتانا حيث طلب مني الوليد بن طلال أن أقدم البرنامج بدلا من هالة سرحان لظروف خاصة لديها، وهكذا جاء الأمر عن طريق الصدفة ، لكنني لم أسع لذلك، وقد عملت في هذا البرنامج لمدة عام فقط ، ومنذ ثلاث سنوات وجدت التليفزيون المصري يطلبني للقيام بعمل برنامج في قناة النيل للسينما( نايل سينما) ، فقبلت لأن هذا البرنامج في صميم عملي كمخرجة سينمائية، وفي تلك الفترة كانت جميع الأعمال شبه متوقفة وكان هناك ثورة في البلد، والعمل في البرنامج التليفزيوني لمدة 22 ساعة ، والقيام بثلاثين حلقة ، ليس في مخيلتي أن أقوم به، لكنني قبلت العمل فيه للقضاء على وقت الفراغ ، كذلك يمكنني توصيل فكري الذي أقدمه في الأفلام من خلال هذا البرنامج .
الفاتح ميرغني: لقد شاهدت العديد من الحلقات بما فيها حلقة صديقتك نبيلة عبيد أو" بلبلة" كما تسميها. واعتقد أنك قسوتِ عليها بعض الشيء.
المخرجة إيناس الدغيدي: أحيانا يجب أن نقسو بعض الشيء على من نحب.
الفاتح ميرغني: استضفتِ في ذلك البرنامج عددا من النجوم ذوي الوزن الثقيل.
المخرجة إيناس الدغيدي: وأيضا استضفت عمر الشريف وأحمد رمزي ...
الفاتح ميرغني: في تقديري أن حلقة أحمد رمزي وعمر الشريف كانت واحدة من أجمل الحلقات، وقد تجلى فيها أحمد رمزي وأفضى بمعلومات لم يفضفض بها من قبل...
المخرجة ايناس الدغيدي: وكذلك عمر الشريف تحدث لأول مرة عن اشياء لم يتحدث عنها قبل مثل: أن المخابرات كانت تريد تجنيده وأنهم يريدون منه أن يقتل إمرأة...
الفاتح ميرغني: هل سبق لأي نجم من النجوم أن رفض الظهور في البرنامج خوفا من أسئلتك الجريئة؟
المخرجة إيناس الدغيدي: نعم الممثل أحمد عز، كما تعلم أنا التي قمت باكتشاف موهبته وتعليمه، فلو جلس أمامي في البرنامج لن يستطيع إظهار شكل النجم أو استعراض عضلاته ونجوميته للناس، لذلك رفض الحضور للبرنامج وقال للمعدين: إلا إيناس!
الفاتح ميرغني: في حلقة طوني خليفة أنت سالتيه أسئلة جريئة جداً، وربما تكون مزعجة ومحرجة جداً، مثل: هل أنت شاذ جنسيا؟
المخرجة إيناس الدغيدي: هو سألني هذا السؤال عندما استضافني في برنامجه " مع طوني خليفة" فأردت أن أسأله له ......
الفاتح ميرغني: يعني رديتِ له الصاع....
إيناس الدغيدي: نعم رديت له الصاع صاعين.
الفاتح ميرغني: المخرجة الجميلة إيناس الدغيدي، كل سنة وأنت طيبة، وكل عام وأنت أكثر إشراقا وإبداعا.
المخرجة إيناس الدغيدي: وأنت طيب، أستاذ الفاتح.
الفاتح ميرغني محرر أول في بان اورينت نيوز