قانون قيصر الأمريكي: ``لحماية المدنيين السوريين`` أم لخنقهم؟

دمشق - الأحد 24 يناير 2021 / بان اورينت نيوز / من أحمد علي

تتفاقم معاناة الناس العاديين السوريين في حياتهم اليومية منذ تطبيق قانون قيصر الذي مضى على دخوله حيز التنفيذ حوالي 7 أشهر منذ يونيو الماضي بماأثار الشكوك بأن هدفه غير المعلن هو معاقبة الشعب السوري شخصياً لأسباب مجهولة.

وقانون قيصر "لحماية المدنيين في سوريا" هو اسم للعديد من مشاريع قوانين اقترحها الحزبان- الديمقراطي والجمهوري- في الكونغرس الأمريكي موجّهة ضد الحكومة السورية أقرّه مجلسُ الشيوخ في منتصف ديسمبر 2019. وسُمّي مشروع القانون هذا باسمِ قيصر نسبة إلى شخصٍ مجهول، قال أنه عسكري سوري منشق، وسرّب معلومات وآلاف الصور "لضحايا التعذيب" في سوريا بين عامي 2011 و2014.

وبغض النظر عن الخلفية السياسية والأمنية لحيثيات تبني القانون، يقول مواطنون عاديون أن قانون قيصر "يخنق" الشعب السوري قبل حكومته، وبأن هذه العقوبات لاتختلف عن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول والمنظمات الدولية والتي تؤدي إلى معاناة مواطني البلد المستهدف أكثر من حكومته، والأكثر تضرراً هم عامة الناس الذين لا علاقة لهم بالنظام والسياسة.

ومنذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، تضرر الاقتصاد السوري بشدة وبدأت الليرة السورية بالتراجع تدريجياً أمام الدولار لكنها طوال سنوات الأزمة لم تفقد من قيمتها ما فقدته خلال أيام من دخول قانون قيصر حيز التنفيذ. فحتى بداية عام 2020 كانت قيمة الدولار حوالي 1000 ليرة سورية، بينما خلال أقل من شهر تجاوز الدولار 3500 ليرة سورية، ثم شهدت الليرة بعض التحسن وهي الآن بسعر حوالي 2900 مقابل الدولار. وقد طرح المصرف المركزي السوري فئة الخمسة آلاف ليرة سورية هذا اليوم فيما يعكس الإنخفاض المتواصل في القيمة الشرائية للعملة.

وشهدت الأسواق ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية. والأخطر من ذلك، هو النقص الحاد في الأدوية، خاصة للأمراض المزمنة- السكري، السرطان، ضغط الدم، الغدد الصم، وإن وجدت فهي بأسعار يعجز معظم المرضى عن شرائها. وهذا فضلاً عن النقص الحاد في المعدات الطبية اللازمة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

ومع الانهيار الحاد في قيمة الليرة السورية أمام العملات الدولية مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ وعدم وجود مصادر لدعمها بسبب فقدان الحكومة السيطرة على الموارد الطبيعية وخاصة النفط والغاز- تسيطر القوات الأمريكية والأكراد الذين تدعمهم على حقول النفط والغاز والمحاصيل الزراعية الاستراتيجية في شمال شرق سوريا- أصبح أكثر من 95% من الشعب السوري (83% حسب تقرير للأمم المتحدة في عام 2019) يعيشون تحت خط الفقر المدقع.

وتفيد احصائيات محلية بأن متوسط دخل الفرد في سوريا حسب سعر الصرف اليوم لا يتعدى 20 دولار في الشهر، أي 0.6 دولار في اليوم، بينما مستوى خط الفقر المدقع المتعارف عليه عالمياً هو 1.9 دولار باليوم.

وإذا استمر هذا الوضع، فالشعب السوري مهدد حقاً بأن يكون عرضة لمجاعة حقيقية وانتشار الأمراض.

وبسبب العقوبات الأمريكية، تستمر معاناة السوريين في استلام الحوالات المالية من أبنائهم أو أقاربهم في الخارج لمساعدتهم على مواجهة شظف العيش. وفضلاً عن تحديد سقف الحوالات بمبلغ 400 دولار فقط عبر شركة تحويل الأموال الأمريكية ويسترن يونيون، يتم استلامها حصراً بالليرة السورية بسعر الصرف الرسمي المخصص للحوالات وهو 1250 ليرة سورية حالياً، بينما سعر السوق حوالي 2900 ليرة. وبالتالي، يتكبد مستلمو الحوالات خسائر فادحة.

ومع إغلاق الحدود بسبب وباء كورونا المستجد، فَقَدَ السوريون أهم وسيلة للالتفاف على تحويل الأموال عبر شركات الصرافة المرخصة من خلال اللجوء إلى التحويل إلى الدول المجاورة، لاسيما لبنان، لاستلامها باليد.

وقبل كورونا بسنوات، مَنَع الاردن تحويلات السوريين المالية إلى الخارج. ويعجز المواطنون السوريون الذي يعيشون في الأردن من تحويل أي مبلغ مالي لذويهم خارج الأردن. والكثير من دول العالم اتخذت إجراءات مراقبة صارمة على تحويلات السوريين المالية بحجة مكافحة الإرهاب.

ويقول محللون بأن آفاق تحسن الوضع الذي قد يساعد المواطن السوري قاتمة بسبب عدم وضوح إمكانية حل للأزمات الإقليمية المسؤولة جزئياً عن أزمة سوريا منذ عام 2011 وحتى إشعار آخر.



سياسة