هل تتعمد السلطات الأمريكية إضعاف الدولار؟
الولايات المتحدة تضعف الدولار لتزيد صادراتها
طوكيو – الجمعة 12 نوفمبر 2010 /بان أورينت نيوز/
أنتوني راولي
هل يُعتبر إنخفاض الدولار ضحية لظروف السوق، أم أن السلطات الأمريكية تتعمد تخفيضه؟ إنه سؤال منطقي نظراً للطريقة التي تبدو فيها واشنطن موافقة على الهبوط الخطير للدولار أمام العملات الأخرى، ولاسيما الآسيوية.
وهو أيضا سؤال كان ينبغي على زعماء مجموعة العشرين أن يُجيبوا عليه في قمة سيؤول.
وفضلاً عن ذلك، المفترض أنه من واجب المصارف المركزية الحفاظ على استقرار عملة بلدانهم، خصوصا عندما يصادف أن تكون تلك العملة (مثل الدولار) عملة الاحتياطي النقدي الأجنبي لبقية العالم، وتستعمل لتسعير الصفقات التجارية الدولية.
وتوجد عدة عوامل ببدو أنها تساهم في انهيار الدولار. بعضها نتيجة ظروف اقتصادية وأخرى نتيجة الإجراءات السياسية الأمريكية، وهذه ليست كلها شفافة لذا فإن الولايات المتحدة ملزمة بتوضيح إجراءاتها، نظراً للدور العالمي للدولار.
وبالطبع، الهبوط في أسعار الفائدة الأمريكية في أعقاب الأزمة المالية مترافقة مع الكساد الاقتصادي كانوا بالتأكيد سبباً في هروب رؤوس المال إلى أصول ذات ريعية أكبر في مكان آخر - في آسيا خصوصاً – بعد أن كانت تتدفق إلى الولايات المتحدة. وهذا ساعد على إضعاف الدولار.
ولكن الحقيقة الأهم وراء هبوط العملة الأمريكية هي أن إدارة الرئيس باراك أوباما اختارت تبني سياسة مضاعفة الصادرات خلال خمس سنوات. وهذا يعني أن الدولار القوي يتعارض مع تلك السياسة.
بالإضافة يبدو أن السياسة التجارية تفضل أيضا عملة ضعيفة تكون كافية بذاتها لتجعل ما يحدث في الوقت الحاضر أكثر من مجرد نوبة عرضية لضعف الدولار. ولكن يبدو أن هناك قوى أخرى أكثر قوة تتدخل لتخفيض العملة الأمريكية.
وتحديداً تبدو واشنطن وكأنها تريد حلاً لمشكلة اختلال الحساب الجاري العالمي – أي: الفائض المتواصل في بعض الدول (الآسيوية بصورة رئيسية) والعجز في دول أخرى (أي الولايات المتحدة نفسها) - بضربة واحدة هي: تخفيض مثير وشامل للدولار.
وهنا يمكن السؤال كيف تأمل الولايات المتحدة بإنجاز ذلك بشكل منفرد عندما يكون السوق هو الذي يحدد سعر صرف الدولار وليس وزارة المالية الأمريكية أو المصرف الاحتياطي الفدرالي؟ وهنا تتضح جداً الطبيعة غير الشفافة للسياسة الأمريكية في الوقت الحاضر.
وما يبدو إجراءً لمقاومة الانكماش الاقتصادي من طرف المصرف الاحتياطي الفدرالي يمكن أن يفسر بنفس الوقت بأنه غطاء لضمان انخفاض العملة بإغراق النظام النقدي العالمي بالدولار. وتدفق الدولار خارج الولايات المتحدة مضمون عملياً نظراً للريعية المنخفضة التاريخية من الآليات المحلية.
وربما أن هذا أثر جانبي لسياسة رئيس المصرف الاحتياطي الفدرالي بيرنانكي (الملقب "المروحية بن" بسبب نزعته لنشر إستراتيجيات ضد الانكماش). ولكن بنفس القدر، هذه الإستراتيجية تخدم غايات وزارة المالية الأمريكية حيث الوزير تيموثي جيثنر.
وهي تضمن تقريبا تراجع الدولار بينما تعد أيضا بدرجة من التضخم التي ستضعف القيمة الحقيقية للدَين الحكومي الأمريكي, الذي قدراً كبيراً منه يعود إلى بلدان آسيوية ذات الفائض مثل الصين واليابان سوية مع العديد من الدول الأخرى التي تحتفظ باحتياطياتها النقدية بالدولار.
وقد يدعي البعض إنها إستراتيجية رائعة لأنها تؤدي إلى ارتفاع قيمة عدد كبير جداً من العملات الأخرى، وبذلك تفرض تعديلاً هيكلياً اقتصادياً على البلدان ذات الفائض عن طريق سعر الصرف بجعلهم يصدرون أقل ويستهلكون أكثر محلياً.
ومرة أخرى، قد يسأل البعض كيف يمكن للولايات المتحدة أن تأمل بعمل هذا عندما لا تسمح البلدان المستهدفة مثل الصين برفع عملاتهم بسهولة. ولكن القضية هي أن الولايات المتحدة تواجه تلك المواقف بطباعة دولارات بمعدل أسرع من قدرة الصين والدول الأخرى على التدخل لشرائها.
ومن هنا تبدو أن إستراتيجية الدولار الحالية التي تنفذها إدارة أوباما لإضعاف العملة الأمريكية، تنطوي على أخطار كبيرة لزعزعة النظام الاقتصادي العالمي، وهذه هي الأخطار كان يجب أن تعالجها مجموعة العشرين وغيرها من التجمعات الإقليمية والدولية.
الصين، كما قال حاكم مصرف الشعب الصيني زهو شياوتشوان هي الدولة الوحيدة التي تقود النمو في الاقتصاد العالمي حالياً، بينما تحاول أن تؤدي توازناً صعباً بتحويل الطلب من خارجي إلى المصادر المحلية. وزعزعة هذا يطيح بالنمو السابق.
والولايات المتحدة ليست قادرة على العودة لتكون قاطرة بنفسها لأن مستهلكيها الخاصين منهمكين جداً في سداد الديون ليتمكنوا من الاقتراض والإنفاق أكثر. وهناك أمل ضئيل بأن تتمكن الولايات المتحدة من الاعتماد على نمو يقوده التصدير إذا أعاقت إستراتيجيتها الخاصة شركائها التجاريين.
واختلال التوازنات العالمية لا يمكن أن يُعالج دفعة واحدة. أما الإستراتيجيات التي تعد بعمل ما فتبدو قصيرة النظر وخطرة وبينها تخفيض العملة الأمريكية وغيرها من المقترحات الأمريكية التي لايمكن اعتبارها سوى حلول سريعة لمشاكل تتطلب تعديلات هيكلية للإقتصاد على المدى البعيد.
- بان أورينت نيوز
.