التص الكامل لتصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع في منتدى الدوحة
الدوحة- السبت 6 ديسمبر 2025/ بان اورينت نيوز
(تقرير بان أورينت نيوز) شارك الرئيس السوري أحمد الشرع في منتدى الدوحة 2025 الذي يعُقد على مدى يومي 6 و7 ديسمبر تحت عنوان "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس". وتأتي مشاركة الشرع في المنتدى عشية الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد الذي يُزعم أنه فرّ إلى روسيا في 8 ديسمبر قبيل دخول قوات هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع (أبو محمد الجولاني) إلى العاصمة دمشق. وفيما يلي نص الأسئلة والأجوبة خلال جلسة حوارية مع كريستينا امانبوز من سي ان ان، ضمن فعاليات المنتدى. وقد اجاب الشرع باللغة العربية على الاسئلة المطروحة باللغة الإنكليزية:
سؤال : هل تعتقد أنكم أخرجتم سوريا من عزلتها الدولية؟ لقد زرت البيت لأبيض، والأمم المتحدة وأماكن عديدة... فهل تعتقد أن سوريا مندمجة تماماً في المجتمع الدولي، وهل لديكم أمل في أن اقتصادكم في طريقه إلى التعافي؟
جواب (الشرع): بداية، شكراً لكم على هذه الاستضافة. في الحقيقة، لقد مرّت سوريا بمراحل خطيرة خلال المائة سنة الماضية، خصوصاً الستين سنة الأخيرة. كانت سوريا تعيش حالة عزلة كبيرة وحصار اقتصادي خانق. وسياسات النظام السابق دفعت أغلب الأطراف الإقليمية والدولية إلى الانكفاء عن سوريا. ولذلك في الواقع، كان العالم محروماً من الواقع السوري، وحُرمت سوريا أيضاً من العالم. وفي مثل هذه الأيام كنا نتهيأ لدخول دمشق. وكنتُم في هذا المؤتمر (منتدى الدوحة) آنذاك، بينما كان التقدم العسكري جارياً في دمشق. وبعد يومين آنذاك، تم الإعلان عن دخول دمشق. وخلال العام الماضي، بالتأكيد، استعادت سوريا الكثير من علاقاتها الإقليمية والدولية. واليوم، تجاوزت سوريا مرحلة إصلاح العلاقات. ولقد وفينا بكل وعودنا التي تحدثنا عنها عندما ذهبنا إلى دمشق. وهذا شكل ثقة كبيرة لدى الأطراف الإقليمية والدولية. وبالتأكيد نحن نسير في المسار الصحيح، وكل الخطوات التي اتخذناها تصب في المصلحة العامة السورية. واليوم، استعادت سوريا موقعها الإقليمي والدولي وتحولت من دولة مصدرة للأزمات إلى دولة تأمل أن يكون هناك نوع من الاستقرار وأن تكون نموذجاً حياً للاستقرار الإقليمي خاصة مع الاضطرابات الحاصلة في المنطقة. وبالتالي، أ درك العالم هذه الفرصة بسرعة كبيرة وبادل سوريا بشكل سريع للاستفادة من موقع سوريا الهام للاستقرار الإقليمي والتأثير السوري على المحيط الإقليمي في إرساء دعائم الاستقرار.
س: كما ذكرتَ، أنتم محاطون بالعديد من الدول التي قد لا يكون لديها أي مصلحة في استقراركم. لنقل إسرائيل، على سبيل المثال. لقد تحدثتُ مع العديد من المسؤولين قبل قدومي إلى هنا. وكما نعلم، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية ضد بلدكم، وأعتقد أن إسرائيل طالبت بمنطقة منزوعة السلاح على طول الطريق من دمشق إلى الحدود. ما رد فعلكم على هذه المطالبات؟ لأن هناك جهات ترى أنه لا مصلحة لإسرائيل بدولة سورية موحدة. برأيكم ما هي أهداف إسرائيل في بلدكم؟
ج: إسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول وتحاول أن تهرب من المجازر المروّعة التي ارتكبتها في غزة. إسرائيل تحولت إلى دولة وكأنها تقاتل أشباح وتقرر كل شيء بناء على المخاوف الأمنية المزعومة والاضطرابات وتقيس على 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس) كل ما يحصل من حولها. أعتقد أن سوريا منذ وصولنا إلى دمشق، بعثت برسائل إيجابية نحو السلام والاستقرار الإقليمي. وسوريا غير معنية في أن تكون مصدّرة للنزاعات، بما في ذلك لإسرائيل. لكن إسرائيل تعاملت مع سوريا بعنف شديد، وتعرضت الأجواء السورية لاختراق كبير، أكثر من ألف غارة عسكرية، واليوم أكثر من 400 عملية توغل في الأراضي السورية وآخرها المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في قرية بيت جن (جنوب غرب دمشق) راح ضحيتها أكثر من 25 إنسان. نحن نستعين على هذا الأمر بإقناع الدول الإقليمية الفاعلة وكذلك العالم. وذلك لأن العالم أجمع يؤيد سوريا اليوم في مطالبها بانسحاب إسرائيل وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 8 ديسمبر. كما أصرت سوريا على احترام اتفاق عام 1974 الذي صمد لأكثر من 50 سنة، لذلك هو اتفاق ناجح إلى حد ما. والعبث في هذا الاتفاق، الذي يحظى بإجماع دولي وإجماع مجلس الأمن، والبحث عن اتفاقات أخرى كمنطقة عازلة أو ما شابه، فأعتقد أن هذا قد يضعنا في موقف خطير، ولا نعلم ما إذا كان سينجح أم لا. إذن، الأفضل هو الالتزام باتفاق عام 1974 الذي صمد كل هذه الفترة. أما بخصوص المنطقة منزوعة السلاح. فدعونا نشرح الأمر. كيف ستكون منطقة منزوعة السلاح؟ من سيحمي هذه المنطقة. إسرائيل تقول دائماً إنها تخشى التعرض لهجمات من جنوب سوريا. فمن سيتولى أمر هذه المنطقة إن لم يكن هناك تواجد للجيش السوري وقوات الأمن السورية؟ لذلك، أعتقد أن هناك مفاوضات جارية الآن، بمشاركة الولايات المتحدة. والعديد من الدول تدعمنا في هذه المفاوضات، وتدعم انسحاب إسرائيل إلى ما قبل 8 ديسمبر. ومعالجة المخاوف الأمنية المنطقية حتى يخرج كلا الجانبين في حالة أمان. ثم أن سوريا هي التي تتعرض للهجوم من إسرائيل. وليست سوريا هي التي تهاجم. فمن هو الأَولى بالمطالبة بمنطقة عازلة والانسحاب؟
س: أودّ التحدث عن بعض المخاوف الداخلية. كنتُ في فعالية قبل بضعة أيام حول سوريا في لندن، وقال أحد المتحدثين الرئيسيين إن سقوط الأسد يُبشّر بفجرٍ جديد لسوريا. إنه ليس مجرد نهاية لنضالنا، بل هو بداية فصلٍ جديد، فصل يُتاح لنا فيه أخيراً الأمل، وتخيل التعافي، والتحدث بصراحة عن البلد، البلد الذي نريد بناءه. فلنتحدث بصراحة، لأن مشاكلكم لا تقتصر على الهجمات الإسرائيلية. بل لديكم مشكلةٌ في الوحدة الداخلية. ويبدو أن هناك تشرذماً بين الأقليات، والكثير من الخوف داخل بلدكم. لذلك، كما تعلمون، أنتم بحاجةٍ إلى أن يرفع الكونغرس الأمريكي عقوبات قانون قيصر، الذي هو آخر العقوبات الهامة جداً. وبعد ما حدث طبعاً في السويداء وما حدث للعلويين، وما إلى ذلك، كان هناك تراجع. وأريد أن أعرف إن كان هذا الأمر مهماً بما يكفي بالنسبة لكم لإصلاح الوضع والوفاء بالوعد الذي قطعتموه والمتمثل في توحيد بلدكم، كيف تعتقد أنك ستفعل ذلك؟
ج: أولاً، لا أتفق مع وصفك للوضع بأن الناس يشعرون بالخوف في سوريا. منذ أسبوع، وبعد أيام قليلة، سوف ينزل الملايين بشكل عفوي للتعبير عن فرحتهم بإسقاط النظام. فهل هؤلاء خائفون؟. أنا أعتقد العكس، حيث أن سوريا تعيش أفضل ظروفها الآن. سوريا بلد واعٍ. وليس هناك بلد لا يعاني من بعض المشاكل الداخلية أو أن هناك سلطة في العالم تحصل على توافق 100%، خاصة وأنه منذ مائة عام تشكلت سوريا الحديثة ومنذ ذلك الوقت مرت بظروف متعددة ومتطورة ومنها مرحلة ما قبل الاستقلال التام عن الاحتلال الفرنسي ومرحلة انقلابات ثم مرحة النظام خلال ستين سنة الماضية. فالسوريون خلال المرحلة الماضية لم يكونوا يعرفوا بعضهم بشكل جيد. في فترة الثورة جرى اختلاط بين أطياف الشعب السوري. وكان النظام السابق قد أورثنا نزاعات كثيرة، حيث كان يستخدم الطوائف ضد بعضها البعض. ولكن منذ قيامنا بالمعركة العسكرية راعينا هذا الأمر وغلّبنا حالة العفو والصفح عن الكثير من الناس من أجل أن نحصل على مستقبل مستدام وآمن وفرصة جديدة ليتعرف أطياف الشعب السوري على بعضهم. وقد أشركنا الكثير من الطوائف في الحكومة والمؤتمر الوطني. وهكذا، فإن الكثير من الإجراءات ساعدت على تهدئة الأوضاع، لأن الكثير من الدول التي يحصل فيها نوع من النزاعات تدخل في دوامة ما بعد النزاع لوقت أطول من الحرب بذاتها. لقد حاولنا تلافي هذه الإشياء بإجراءات متتالية وأغلبها كانت ناجحة. ولكن لنكن واقعيينن. هل سوريا مطالبة بأن تحصل على توافق 100%؟ هذا الأمر لا يحدث حتى في الدول المتقدمة والمستقرة. سوريا انتقلت من نظام حكم إلى نظام آخر لا يشبهها على الإطلاق بعد نجاح ثورة شعبية. وهناك أيضا متضررون من هذا التحول، لأن كثيرين كانوا مستفيدين من النظام السابق. ومع ذلك، نحاول أن ندير الأمور وخلال السنة الماضية حققنا إنجازات كثيرة. حصلت إشكالات لا نقبل بها على الإطلاق ونعمل على محاسبة من يتسبب في هذه الإشكالات. أعتقد أن سوريا تسير في مسار إيجابي وتنحو نحو الاستقرار وهناك أيضاً نمو اقتصادي تظهر علاماته تدريجياً وهناك بيئة خدمية واسعة، فقد تحسنت خلال السنة الماضية الكهرباء بشكل كبير جداً من ساعة ونصف الساعة وصل إلى حوالي 12 ساعة. ونأمل أن نحقق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء خلال هذا العام. سوريا ذاهبة إلى بيئة اقتصادية ناهضة من خلال الاستثمارات التي سوف تساعد بشكل كبير على تحقيق الاستقرار. ولذلك طالبنا الولايات المتحدة برفع قانون قيصر الذي وُضع في الأساس لمحاسبة النظام السابق لأنه ارتكب جرائم بحق الشعب السوري، فلا ينبغي أن يكون اليوم أداة لتجويع الشعب السوري من جديد. والرئيس ترامب يدعم رفع العقوبات، ومعظم دول العالم على نفس هذا النهج.
س: في مارس، قُتل أكثر من 1400 علوي، معظمهم من المدنيين، على طول الساحل. وقد وصفت الأمم المتحدة ذلك بجرائم حرب محتملة. وفي يوليو، قُتل مئات الدروز، وتم تهجير الكثيرين منهم. هل يمكنك أن تخبر هؤلاء الناس من هذه القاعة بما ستفعله لجعلهم يشعرون بأنهم جزء من سوريا موحدة، وأن لا يدفعون ثمن دعمهم للنظام السابق؟ أعرف كيف تجري الأمور. كنتُ في العراق أثناء التدخل الأمريكي، ورأيتُ ما حدث على الأرض عندما شعر طرف بالنصر بينما لم يشعر به طرف آخر. وأتساءل إن كان هناك شعور بالانتصار بين المسلمين السنّة في سوريا، وإن كنتم تعتقدون حقاً أنكم قادرون على تحقيق تماسك البلاد. ما الذي تشعرون به حيال جعلهم جميعاً جزءاً من سوريا الجديدة؟.
جواب: بداية، سوريا هي التي عرّفت معنى التعايش السلمي عبر كل تاريخها. نحن نتكلم هنا عن حضارة عمرها أكثر من 8 آلاف سنة. وفي أول حدث يحصل في التاريخ قبل 1400 سنة، كان الناس يعيشون في قلب سوريا من مختلف الأديان. سوريا هي التي تعطي دروس للعالم عن كيف يتعايش الناس مع بعضهم. واليوم لا يكمن أن نقول أن الثورة كانت ثورة سنيّة فحسب، لأن كل أطياف ومكونات الشعب السوري شاركوا فيها. المسيحيون تأذوا من النظام السابق، بل حتى أن العلويين هم أكثر من دفع ضريبة ممارسات النظام السابق من التجويع والفقر، رغم استخدامه أبنائهم. وأنا أيضاً لست مع التعريف الذي يقول أن العلويين كلهم كانوا مع النظام ومنتفعين منه، كان يجعلهم يعيشون في حالة من الخوف والرعب فيما لو انتهى حكم النظام السابق، لقد دخلنا إلى القرى العلوية فوجدنا فيها فقراً كبيرا، حتى بين مؤيدين النظام السابق. لقد ورثنا مشكلة كبيرة لا ذنب لنا فيها وكلنا ضحايا، ويجب أن نعالجها بحكمة شديدة جداً. لقد حصلت نزاعات نعم. وشكلنا لجان تقصي الحقائق وأيضاً استقبلنا لجان تقصي الحقائق الدولية وأنشأنا بعض المحاكم وتم الإعلان عن بعضها لمحاكمة من ارتكبوا بعض الجرائم التي أشرتِ إليها في منطقة الساحل أو في السويداء. وهذه من الإفرازات غير الجيدة لكن أعتقد أنها في مستواها الأدنى رغم فظاعة ما جرى. نحن لا نبررها بل نحاسب ونشدد بشدة على مواجهة هذا الأمر. ومن بدأ هذا الأمر أشخاص من فلول النظام السابق ثم تطور إلى أن وصل لما وصل إليه. ولكن أنا أقول إن سوريا هي دولة قانون. والقانون هو الذي يحكمها ويحافظ ويصون حقوق الجميع. أنا لست مع تعريف سوريا على أنها مجموعة من الطوائف تعيش مع بعضها. سوريا بلد مثقف وبعدد كبير من القانونيين و الأطباء والمهندسين والموارد البشرية المتنوعة. وبالتالي يليق بها أن تكون دولة قانون. القانون هو الذي يحكمها. سوريا ليست من الدول النامية بشدة، ربما اقتصاديا هي فقيرة لكن غنية جداً من ناحية الفكر والثقافة. وتعزيز مبدأ القانون والمحاسبة من خلال القانون وتعزيز دور المؤسسات في بناء الدولة الجديدة هو الطريق الذي نصل به إلى ضمان حقوق الجميع بما في ذلك جميع الأقليات. لقد تحاورنا مع كل الأطراف وحاولنا أن نثبّت مبدأ الشراكة للجميع وليس المحاصصة، مثل أن تكون بعض الوزارات هي حصة للطائفة الفلانية أو العرق الفلاني، ولكن حولنا هذا الأمر إلى مبدأ التشاركية تجنباً لما حدث في العراق، حيث أعتقد أنها كانت سياسة خاطئة من تقسيم السلطة على الطوائف والأعراق، بل ينبغي أن تكون دائما حكومات تكنوقراط من الكفاءات واختيارهم بغض النظر عن هوية هذا الشخص أو عرقه أو دينه، فهذا هو الطريق الأسلم وهذا الذي عملنا عليه. اليوم، الطوائف كلها مشاركة في تشكيل الحكومة السورية، كلهم ممثلون في هذه الحكومة لكن دون مبدأ المحاصصة. وأعتقد أن هذا الأمر وسيلة جديدة ربما أيضا تثبت أن سوريا تسير من جديد في مسار صحيح، لربما يتعلم منه الآخرون بالمستقبل كيف تدار الأمور ما بعد الأزمات والكوارث.
س: أنت ربما أول رئيس ديمقراطي، بشكل أو بآخر، يتحدث عن حكومة تشاركية، وتريد أن تكون رئيساً للجميع، وأن تكون سوريا دولة قانون ومؤسسات مدنية. هذا أمر بالغ الصعوبة. هناك الكثير من الناس الذين يتساءلون هل تعتقد، وأنت تعرف أن في هذه المنطقة من العالم أحياناً يبقى الناس في السلطة إلى الأبد، أن الانتخابات هي السبيل لتحقيق ذلك، أن البقاء في السلطة لفترة طويلة هو الأفضل، لأن هذا ما يحصل كثيراً في هذا الجزء من العالم؟
ج: سوريا ليست قبيلة. سوريا بلد تطور وفيها كثير من الأفكار. سوريا كانت قائمة على الانتخابات، ربما استُخدِم هذا العنوان بطريقة سيئة في الفترات الماضية. ونحن عمليا لسنا جاهزين في هذا الوقت لإجراء انتخابات على مستوى التمثيل البرلماني، لكن مع ذلك خضنا هذه المرة انتخابات بطريقة تتناسب مع المرحلة الانتقالية. أعتقد أن مبدأ اختيار الشعب من يحكمهم هو مبدأ أساسي تعرفت عليه البشرية وأيضاً منصوص في ديننا الإسلامي منذ 1400 عام والذي ينص على أن الحاكم يجب أن ينال غالبية الرضا من الشعب حتى يستطيع أن ينال شرعية تواجده في الحكم. فأنا أؤمن بهذا الشيء وأعتقد أن هذا المسار يليق بالوضع السوري حاليا. ولربما سوريا تحتاج الى استقرار في البناء، فنحن لا ينبغي لنا أن نربط البناء السوري بالأشخاص وإنما نربطه ببناء مؤسسات قادرة على الاستمرار. وهذا التحدي قائم الآن في خلال المرحلة النتقالية، أربع إلى خمس سنوات، ولكن الآن في مرحلة اعادة بناء الدولة من جديد واعادة بناء القوانين من جديد مع الاتكال على الإرث الثقافي الذي تحمله سوريا خلال تعافيها وخلال فترات التاريخ الطويلة الممتدة سبعة آلاف سنة. أعتقد أن سوريا تسير في هذا النهج وهو نهج سليم وصحيح. وبناء المؤسسات هو الذي يضمن استمرارية عادلة لبناء الدولة، وليس الاعتماد على الأشخاص، لأن الشخص معرض للمرض أو للموت إذا ارتبطت مصالح كل رعية هذا البلد في شخص واحد فلا بد وأن هناك مخاطر كبيرة. وحتى الدول المتقدمة التي لا زالت تحافظ على ملكيات وإمارات قامت بفعل كثير من التنظيم في داخلها وأصبحت دول مؤسساتية، فهذا ليس عيب في أن تكون دول ملكية، لكن سوريا وضعها مختلف لانها انتقلت من هذه المرحلة إلى مرحلة الجمهوريات. المهم لأي بلد، سواء كانت ملكية أو جمهورية، أن يؤسس فيها نظام مؤسساتي قابل للاستمرار مع وجود اشخاص أو ذهاب أشخاص.
س: هل يمكن أن تعطينا فكرة شاملة متى ستحصل انتخابات فعلية لرئيس أو رئيس مجلس وزراء؟ أنت قلت أن الأمر يستغرق وقتاً. كم من الوقت؟
ج: بعد تحرير دمشق قمنا باجراء مؤتمر وطني شامل شارك فيه كثير من الناس. وانبثق عن هذا المؤتمر إعلان دستوري مؤقت ريثما يُكتب الدستور. والإعلان الدستوري أعطى صلاحية للرئيس الحالي أن يستمر لمدة خمس سنوات ثم بعد ذلك تبدأ الانتخابات. وخلال هذه الخمس سنوات، سوف يتم سن كثير من القوانين والاجراءات الداخلية وأيضاً كتابة دستور يعرض على الشعب (للاستفتاء). الدستور هو الذي سيكون المرجعية الأساسية لآلية ونظام الحكم. فبعد أربع سنوات من الآن سوف تجرى انتخابات.
س: لديك ماض كإرهابي عمل مع تنظيم القاعدة. ماذا تقول للناس في هذه القاعة وفي العواصم الأجنبية عن ولاءاتك اليوم. لا أريد أن أتحدث فقط عن الإرهاب، ولكن صحيح أنه ليس هناك خلافة إسلامية في سوريا، إلا أننا نرى في بعض الأجزاء في سوريا نوع من هذا الفكر. أين ترى دوراً لتاريخك والتعامل مع هذه الدولة للمستقبل، مثلاً التعامل مع حقوق المرأة. ماذا تقول لبعض الضيوف في هذه القاعة الذين ليسوا على اقتناع؟.
ج: أعتقد أن السؤال فيه كثير من المغالطات. أولا الحكم بأني كنت إرهابي، هناك الكثير من الأحكام المسيّسة في العالم. فالحكم على شخص بأنه ارهابي يحتاج الى دلائل وبراهين. ماذا تعني كلمة إرهابي؟ ما هو تعريف الإرهاب أساساً؟ منذ أكثر من خمسة وعشرين سنة انطلقت هذه العناوين في العالم وكان هناك اختلاط في فهم معنى الإرهاب. ماذا يعني إرهابي؟ الإرهابي في تصوري هو الذي يقوم بقتل الأبرياء والأطفال والناس ويستعمل الوسائل غير الشرعية في إيذاء الناس. فإذا وضعنا هذا التوصيف على دول كثيرة في العالم، نجد أن عدد الضحايا الذين وقعوا في غزة تقريباً ستين ألف إنسان أغليهم من الأبرياء. والنظام السوري منذ 14 عام قتل أكثر من مليون إنسان في سوريا. وحتى هذه اللحظة هناك من 250 ألف إنسان مفقود. حرّرنا كل السجون لكن لم نجد هؤلاء الناس الذين اختفوا. وتسبب النظام السابق بتهجير أكثر من 14 مليون إنسان ومع ذلك لا يُسمى إرهابي. نجد أن حروباً وقعت في المنطقة في العراق وفي أفغانستان وفي أماكن مختلفة قتل فيها الكثير من الأبرياء، والقتلة يصفون الآخرين بالإرهابيين. لذلك، أعتقد أنه بعد خمسة وعشرين سنة أصبح لدى الناس وعي بمعنى كلمة إرهابي ومن يستحق هذا الكلمة. أما على الصعيد الشخصي، فأنا لم أؤذ مدنياً على الإطلاق. قاتلتُ في جبهات متعددة على مدى أكثر من عشرين سنة. قاتلتُ بشرف، كنت أواجه المخاطر و أعرض نفسي للخطر أنا وكل من كان معي كي لا يتعرض المدنيون للخطر. وهذه المعركة الأخيرة التي شاهدتموها بينما كنتم تجلسون هنا السنة الماضية وذهبت الأجندة إلى مكان آخر، أعتقد أنها كلها كانت رحمة. هل رأيتم في زمانكم إرهابي يجهز خطة بأكملها خلال إحدى عشر يوم ويدخل إلى حواضر ومدن كبرى مثل حلب وحمص ودمشق وحماة ودير الزور والرقة واللاذقية وطرطوس ودرعا والسويداء دون أن يتأذى إنسان واحد. ولم ينزح إنسان واحد من هذه المدن والقرى والبلدات. فهل هذا عمل إرهابي؟ نحن بأيدينا كسرنا قيود السجون التي كان يتعرض فيها الناس للتعذيب وتُغتصب النساء والأطفال. نحن كسرنا قيد سجن صيدنايا حيث كان تُحرق عظام الناس بالأسيد. لكنها الازدواجية في المعايير بعض الأحيان وأعتقد أن الواقع قد كذب كل هذه المقالات، وأدرك العالم في النهاية أن هذه السياسة كانت خاطئة والتوصيفات كانت خاطئة، فلذلك أجمع مجلس الأمن على رفع توصيف الإرهابي عن هذا العبد الفقير (مشيراً إلى نفسه).
س: هل تضمنون حقوق المرأة؟ هل المرأة السورية ممكنة بالكامل؟
ج: المرأة في المجتمع السوري ممكنة تلقائياً. عندما كنا في إدلب أسسنا جامعة كبيرة هناك فيها نحو 26 ألف طالب، ثلثهم من الإناث، وبعد التخرج يلتحقن بالمؤسسات الحكومية وفي سوق العمل بشكل عام. المرأة في سوريا ممكنة وحقوقها محفوظة أيضاً ونسعى لأن تكون مشاركة في الحكومة وفي مجلس الشعب. أعتقد أن ليس هناك خوف على المرأة السورية، بل خافوا قليلاً على الرجل السوري (مبتسماً) . (تقرير بان أورينت نيوز)
حقوق النشر محفوظة- غير مسموح النسخ واللصق للنص الكامل في مواقع إعلامية أو وسائل التواصل. - في حال نشر مقاطع يجب الإشارة للمصدر بان اورينت نيوز