إطلاق سراح كارلوس غصن بشروط

طوكيو- الاربعاء 6 مارس 2019 / بان اورينت نيوز/
تقرير خلدون الازهري

أمام عدسات عشرات المصورين ومروحيات وسائل الإعلام اليابانية، خرج كارلوس غصن، الرئيس السابق لشركة نيسان موتور، من الاعتقال بعد 108 يوم في السجن، ودفع كفالة قدرها مليار ين ياباني (9 ملايين دولار تقريباً) مقابل إفراج محكمة طوكيو عنه بشروط تقيد تحركاته واتصالاته. وقد تنكر غصن لدى خروجه ببذلات رجال الشرطة المرافقين له واضعاً طاقية على رأسه، ومغطياً وجهه بقناع واقي من البرد، ووضع شيالات صفراء عاكسة للضوء بحيث يستحيل التعرف على ملامحه وهويته الحقيقية.

وأكد غصن في بيان انه سوف يثبت براءته من التهم الموجهة إليه وهي التهرب الضريبي بتقليل أجره بحوالي 9 مليارات ين (80 مليون دولار) في التقارير المالية لشركة نيسان على مدى 8 سنوات لغاية مارس الماضي، وخيانة الأمانة في انتهاك لقانون الشركات.

ومنذ اعتقاله في 19 فبراير الماضي رفضت المحكمة طلبين للإفراج عن غصن بكفالة من محاميه السابقين على خلفية أنه قد يهرب من اليابان أو يزور أدلة. واستعان غصن في منتصف فبراير بفريق محامين جديد بقيادة جونيشيرو هيروناكا المشهور في اليابان بلقب "الشفرة" المعروف بنجاحه في تبرئة متهمين بقضايا بارزة.
وكانت عائلة غصن وبعض جماعات حقوق الإنسان، شبّهوا التوقيف المطول لغصن بأنه اعتقال "رهينة".

وظهر غصن أمام المحكمة في يناير للحصول على تفسير لاحتجازه المستمر، وكان أول ظهور علني له منذ اعتقاله.
وفي ديسمبر، تم الإفراج بكفالة عن غريغ كيلي، نائب مدير تمثيلي سابق في شركة نيسان، الذي أُلقي القبض عليه في نوفمبر بنفس وقت توقيف غصن، بتهمة تآمر مزعوم لتقليل دخل غصن في تقارير الأوراق المالية. ونفى كيلي أيضاً هذه التهم.

وأثناء اعتقاله، تم تجريد غصن من المناصب التنفيذية العليا في مجموعة تحالف السيارات الثلاثي الذي أنشأه كرئيس لشركة نيسان ورينو إس وشركة ميتسوبيشي موتورز. وتم استبداله كرئيس لشركة رينو بجان دومينيك سينارد بعد تقديمه استقالته في السجن. وينصب الاهتمام على من سيتولى رئاسة شركة نيسان، منصب ما زال شاغراً منذ إقالته. وتأمل نيسان في تجنب تولي رئيس رينو الجديد رئاستها، كما كان الحال مع غصن، فيما يبدو أن شركة صناعة السيارات الفرنسية ترغب في قيادة التحالف من خلال تعيين سينارد في منصب مضاعف كرئيس لمجلس إدارة نيسان.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة رينو الفرنسية تيري بولور للصحفيين في جنيف إن مجلس إدارة شركة رينو لن يسعى إلى إعادة تعيين غصن كمدير في اجتماع للمساهمين في يونيو، بينما امتنع عن إبداء وجهة نظره بشأن قرار المحكمة منح كفالة لغصن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق لشركة رينو أيضأ.

وتختلف الشركتان حول ما إذا كان ينبغي عليهما إعادة النظر في شراكتهما بالنسبة لحجم المساهمة. وتمتلك رينو حصة بأكثر من 40% في شركة نيسان، بينما تمتلك الأخيرة حوالي 15% في رينو، هيكلية يعتبرها بعض المسؤولين التنفيذيين في شركة نيسان مجحفة لها.

وتعليقاً على موافقة المحكمة على الإفراج عنه بكفالة، قال غصن في بيان أصدره ليلة الثلاثاء "أنا ممتن للغاية لعائلتي وأصدقائي الذين وقفوا معي في هذه المحنة الفظيعة... وممتن أيضاً للمنظمات غير الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان في اليابان وحول العالم الذين يكافحون من أجل قضية افتراض أن المتهم برئ وإجراء محاكمة عادلة. أنا بريء وملتزم تماماً بالدفاع بقوة عن نفسي في محاكمة عادلة ضد هذه الاتهامات التي لا قيمة لها ولا أساس لها من الصحة".

وتجدر الإشارة أن شركة نيسان رفضت التعليق. وقال محامون لا علاقة لهم بقضية غص إن إطلاق سراحه علامة فارقة في النظام القضائي الياباني، حيث المتهمين، مثل غصن الذي ينفي الاتهامات الموجهة إليه، عادة ما يبقون قيد الاعتقال حتى إجراء المحاكمة أو قبل ذلك بقليل. وقال تشوكو هاياكاوا، محام وعضو سابق في البرلمان من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، "هذا سوف يصبح سابقة رائدة". ومن المرجح أن تستغرق محاكمة غصن ستة أشهر على الأقل.

وأعربت مصادر يابانية عن استيائها وقلقها من أن سمعة اليابان الدولية قد تتضرر بسبب انتقاد نظامها القضائي وكونه دون مستوى المعايير العالمية حيث يسمح باعتقال متهمين بدون قرار محكمة إلى أجل غير مسمى وبدون حضور محاميهم بشكل منتظم. وذهب بعض المنتقدين إلى تشبيه اليابان بأنها على غرار الصين وكوريا الشمالية والدول الاستبدادية لاتحترم حقوق المعتقلين.

لكن بعض المدعين العموميين قالوا في تسريبات إلى الإعلام الياباني بأن إطلاق سراح غصن اليوم لامعنى له وقد يؤدي إلى التأثير على التحقيقات لأن مجرد وجود كاميرا على باب منزل غصن لاتعني أنه لن يتلاعب بالأدلة.
لكن واكاسا، مدع عام سابق، قال إن إطلاق سراح غصن يمكن أن يساعد في منحه فرصة في المحاكمة. وقال "لأن السيد غصن محاور بارع، يمكنه خلق البيئة المناسبة وتشكيل الرأي العام حتى يتمكن من الفوز بحكم البراءة بكلماته الخاصة".

وفيما يلي قائمة الشروط التي وافقت عليها محكمة طوكيو في قرارها يوم الثلاثاء بإطلاق سراح كارلوس غصن بكفالة. وتستند الشروط على مقترحات قدمها فريق الدفاع عن غصن إلى المحكم عند تقديم الطلب الأخير للإفراج بكالفة:
- يمنع على غصن مغادرة اليابان،
- يتم تركيب كاميرا مراقبة على مدخل المكان الذي يعيش فيه تراقب تحركاته باستمرار.
- يبقى جواز سفر غصن في عهدة فريق الدفاع.
- يحظر على غصن التواصل مع الأشخاص المرتبطين بتهم انتهاكه القوانين المالية، بما في ذلك كبار مسؤولي نيسان.
- يمكن لغصن أن يحضر اجتماعات مجلس إدارة نيسان بموافقة مسبقة من المحكمة.
- عدم استخدام هاتف محمول متصل مع الانترنيت
- عدم استخدام الإيميل.
- يجوز لغصن استخدام جهاز كمبيوتر شخصي فقط في مكتب المحامي خلال أيام العمل.
- يحق له الخروج من المنزل لفترة وجيزة مرة أو مرتين يومياً.

وفي هذه الأثناء، يواصل المدعون العامون تحقيقاتهم بشأن معاملات خارجية أخرى تتعلق بغصن والتي يزعم مسؤولو شركة نيسان أنها مبهمة. وقالت المصادر إن التحقيق يركز على نحو ثلاثة مليارات ين اقترضها غصن من مؤسس وكالة لشركة نيسان في سلطنة عُمان، في نفس الوقت الذي تكبد فيه خسائر شخصية في الاستثمار وقرض آخر بقيمة ثلاثة مليارات ين قدمته شركة نيسان لمسؤول تنفيذي بوكالة سيارات في لبنان بين عامي 2012 و2016.

كما سرب الإدعاء العام الياباني إلى وسائل الإعلام أن كارلوس غصن قام بتحميل شركة نيسان خسائره المالية الشخصية الناجمة عن عقد مقايضة شخصي له مع بنك شينسي الياباني بتحويل 1.85 مليار ين من هذه الخسائر نتيجة ارتفاع مفاجئ في قيمة الين عام 2008 إلى حساب شركة نيسان في عام 2008، ثم لاحقاً تغطية الخسارة بمساعدة خالد الجفالي، وهو رجل أعمال سعودي قام بتحويل أكثر من 14 مليون دولار كفالة إلى حساب المقايضة المذكور. ولاحقاً أعطى غصن تعليمات بتحويل مبلغ 14.7 مليون دولار من فروع نيسان في الشرق الأوسط إلى خالد الجفالي لقاء ماوصفه غصن للمحققين بمساعدات في ترويج مبيعات نيسان وحل بعض المشاكل في الفروع شرق الأوسطية ووضع خطة لبناء مصنع.

بان اورينت نيوز



أعمال واقتصاد