طوكيو تجدد موقفها الرافض للاعتراف بالبوليساريو

طوكيو – الاربعاء 28 أغسطس 2019 / بان اورينت نيوز/

أعلن وزير الخارجية الياباني تارو كونو أن مشاركة ممثلين عن جبهة البوليساريو في مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية الأفريقية (تيكاد 7) الذي بدأ اجتماعاته في يوكوهاما اليوم الأربعاء لايعني اعتراف اليابان بها. وفي كلمته الختامية أمام كبار المسؤولين من اليابان ونحو 50 دولة افريقية ومنظمة دولية في الاجتماع التحضيري لمؤتمر تيكاد يوم الثلاثاء قال الوزير كونو بأن "وجود أي جهة أو كيان في مؤتمر تيكاد ولا تعترف به اليابان كدولة، بما في ذلك هذا الاجتماع التحضيري واجتماع القمة، لن يؤثر على موقف اليابان فيما يتعلق بالوضع القانوني لهذا الكيان أو الجهة". وختم كلمته بالقول "مرة أخرى أشكركم على دعمكم المستمر لإنجاح مؤتر تيكاد السابع وآمل في إجراء مناقشات بناءة ومثمرة في هذا المؤتمر".

وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية في تصريح خاص لوكالة بان اورينت نيوز أن تصريح الوزير كونو لايدع مجالاً للشك بأن مشاركة البوليساريو لاعلاقة لها باليابان بل بالاتحاد الافريقي الذي يشارك في رعاية تيكاد وأنه "لا توجد علاقات رسمية بين اليابان والبوليساريو لأن طوكيو لاتعترف بهذه المنظمة جملة وتفصيلاً." وأضاف تربط اليابان مع المغرب علاقات قوية وهذا معروف وسوف يستمر".

وأضاف المسؤول أن اليابان تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي في علاقات تعكسها التبادلات التجارية والاقتصادية والثقافية والسياسية إضافة إلى الروابط بين الأسرتين الملكية في المغرب والامبراطورية في اليابان.

وتجدر الاشارة أن البوليساريو أعلنت من جانب واحد عن تشكيل ما يسمى بجمهورية الصحراء الغربية، وحصلت على اعترافات محدودة بها وخاصة من دول أفريقية، تقودها الجزائر وجنوب أفريقيا.

وقد انطلق مؤتمر تيكاد في عام 1993 بمبادرة من اليابان بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية بين أفريقيا وشركائها للتنمية وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الأفريقية. وبينما ثلثا أعضاء الاتحاد الأفريقي لا يعترفون بجبهة البوليساريو، يقول محللون إن حضور رئيس جمهورية "وهمية" غير معترف بها لمؤتمر تيكاد يُعد سابقة. وأبدى المحلل أن موقف اليابان جاء ضعيفاً بالنأي بالنفس ولم تتخذ موقف المواجهة مع الاتحاد الافريقي وهذا مفهوم بالنسبة للدبلوماسية اليابانية التي لاتريد تحويل تيكاد طوكيو إلى مكان لتراشق المواقف والمواقف المضادة.

ويرى محللون مطلعون على تفاعلات هذه القضية أن القبول الفاتر بحضور للبوليساريو في تيكاد يوكوهاما 2019 يعكس عدم رغبة اليابان في التورط بالتجاذبات السياسية المتعلقة بقضية الصحراء. ويضيفون بأن "البوليساريو تضع نفسها في مصاف الدول ذات السيادة في أفريقيا، وهي في الواقع سيادة وهمية نظراً لعدم وجود اعترف أممي بها". كما يرى نفسالمحللين أن قبول اليابان بدعوة الاتحاد الافريقي البوليساريو الى تيكاد يوكوهاما بأنه نتيجة إملاءات مفوضية الاتحاد الأفريقي على اليابان بمشاركة جهة غير معترف بها كدولة فيما يعتبر تجاوزاً وخرقاً دبلوماسياً.

وتجدر الإشارة إلى الاتحاد الأفريقي يعد الوحيد بين جميع المنظمات الدولية التي تضم في عضويتها جهة غير معترف بها دولياً.

وتفيد تقارير مغربية إن جبهة البوليساريو لاتمتلك صفة "الممثل الشرعي" لجميع الصحراويين، فالأغلبية الساحقة من الصحراويين يعيشون في المناطق الجنوبية ولا يعترفون بالبوليساريو. بالإضافة إلى ذلك، فإن أعضاء من مؤسسي البوليساريو عادوا إلى المغرب الذي أصبح وطنهم، ومنهم وزير الخارجية السابق ابراهيم الحكيم الذي تراجع عن اعترافه بالبوليساريو.

ولا يمكن عزل موقف اليابان من قضية الصحراء عن سياسة الصين وكوريا الجنوبية، وهما دولتان اتخذتا موقف الحياد تجاه نزاع الصحراء.

ويؤكد أحد المحللين انه ليس من مصلحة اليابان أن تتورط في الخلافات السياسية والإقليمية وبالتالي تفسح المجال للصين وكوريا اللتين لا تسيّسان منتدياتهما الاقتصادية مع المنطقة الأفريقية، في كسب اهتمام المغرب على حساب المصالح اليابانية بعيدة الأمد فيما قد يعتبر تضحية بالعلاقات الراسخة التقليدية بين اليابان والمغرب.

وعلى سبيل المثال، في مطلع سبتمبر 2018 لم توجه الصين دعوة لجبهة البوليساريو لحضور القمة الصينية الأفريقية بينما التزم الاتحاد الإفريقي الصمت. ولا تعترف الصين بجبهة البوليساريو، كما لم تستجب بكين لدعوات الجزائر وجنوب إفريقيا اللتين تضغطان عادة لدعوة البوليساريو. وفي عام 2015، أجبرت الصين جنوب إفريقيا التي استضافت الدورة الثانية للقمة الإفريقية الصينية على طرد جبهة البوليساريو، حسب التقارير، علما أن المغرب لم يكن آنذاك عضواً في الاتحاد الإفريقي.

وكانت البلدان الإفريقية المشاركة في مؤتمرات تتعلق بالخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية، أكدت على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في إيجاد حل سياسي وواقعي وبراغماتي ومستدام لقضية الصحراء، وعلى إحداث آلية اللجنة الثلاثية (الترويكا) التابعة للاتحاد الإفريقي، التي تضم الرؤساء الدوري والسابق واللاحق، ورئيس لجنة الاتحاد الإفريقي، من أجل تقديم الدعم الفعال للجهود المبذولة تحت إشراف الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى "حل سياسي واقعي براغماتي ومستدام لقضية الصحراء قائم على التوافق".

وبالأخذ بالاعتبار هذه المواقف الافريقية الملموسة يرى المحللون أنه من الحكمة عدم حشر أي دولة غير افريقية لنفسها في النزاعات الإقليمية الافريقية.

وكان وزير الخارجية اليابانية تارو كونو أكد أكثر من مرة "أنه حتى لو كانت هناك مجموعة تدعي أنها دولة لا تعترف اليابان بها وتوجد في قاعة المؤتمرات، فإن وجودها لا يعني أن اليابان تعترف بهذا الكيان".

وبالعودة إلى تيكاد، فإنه على مدى 21 سنة الماضية تطور ليصبح حدثاً عالمياً رئيسياً وأسس منتدى متعدد الأطراف لحشد واستدامة الدعم الدولي لتنمية أفريقيا، بموجب مبادئ الملكية الأفريقية والشراكة الدولية.وتتضمن مبادرة تيكاد خمسة منظمين أساسيين وهم حكومة اليابان، مكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا التابع للأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة للتنمية، والبنك الدولي و مفوضية الاتحاد الأفريقي.

ويتولى المنظمون المشاركون وبصورة متكافئة مسؤولية ضمان نجاح عملية تيكاد على كافة المستويات التشغيلية والتقنية والبرامجية والمادية. وساهم تيكاد في تسهيل وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين القادة الأفارقة وشركاء التنمية في أفريقيا حول القضايا المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتجارة والاستثمار والتنمية المستدامة والأمن الانساني والسلم والاستقرار وإدارة الحكم.
(بان اورينت نيوز)



سياسة