استثمارات ترامب في البنية التحتية الأمريكية قد تجعل اليابان عظيمة مرة أخرى

طوكيو – الأربعاء 1 مارس 2017
الكاتب/ توم أوسولفيان- خاص إلى بان اورينت نيوز

منذ انتخاب دونالد ترامب في 8 نوفمبر العام الماضي، أضافت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة أكثر من تريليوني دولار إلى القيمة السوقية وتسجل أرقاماً قياسية جديدة هي الأعلى على الإطلاق. فقد تجاوزت القيمة السوقية للمؤشر المعياري ستاندر آند بور 500 واحد تريليون دولار في غضون شهرين منذ الانتخابات لأول مرة في تاريخه البالغ 60 سنة.

ويكمن وراء هذا الزخم والحيوية بشكل أساسي اثنان من وعود حملة ترامب الانتخابية: خفض معدل الضريبة المفروض على الشركات الأمريكية من 35% إلى 20% أو أقل، وتنفيذ برامج استثمار في البنية التحتية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ويمكن أن تكون الشركات اليابانية أكبر المستفيدين من هذه الفرص الاستثمارية في البنية التحتية.

والكثير من هذه الاستثمارت التي يمكن أن تستمر لعقود من الزمن هي واحدة من المجالات القليلة التي تداخلت فيها برامج سياسات الجمهوريين والديمقراطيين. وحتى الآن، يبدو الرئيس ترامب متمسكاً بأجندته الاقتصادية وسياسة توفير وظائف محلية مع التراجع عن بعض مواقفه السياسية الدولية الأكثر إثارة للجدل مثل سياسة اعتبار تايوان مستقلة (عن الصين)، ونقل السفارة الأمريكة في إسرائيل.

ويشكل ذوي الياقات الزرقاء (الطبقة العاملة) خصوصاً في المنطقة البيضاء وسط غرب الولايات المتحدة الحجر الأساس لقاعدة الدعم لترامب حيث كان للانكماش الاقتصاد أكبر تأثير سلبي. وهذه أيضاً كتلة سكانية يمكن أن تستفيد من خلق فرص عمل مرتبطة بالاستثمارات في البنية التحتية التي لا بد أيضاً أن تحسن الازدهار الاقتصادي ونوعية حياة المواطنين الأمريكيين.

وصنّف المتخصصون في البنية التحتية الولايات المتحدة في الدرجة "دي " بالنسبة لمستوى البنية التحتية، ويجب رفعها إلى الدرجة "بي " على الأقل. ويقدر بعض الاقتصاديين أن الاستثمار غير الكافي في البنية التحتية الأمريكة قد يكلف العائلة الأمريكية النموذجية خسارة قدرها 3400 دولار سنوياً في الدخل المتاح.

ومجالات الاستثمار في البنية التحتية المصنفة على أنها الأكثر أهمية هي السدود، المطارات، الطرق، خزانات المياه، النقل بواسطة السكك الحديدية، شبكات الطاقة الكهربائية، والنفط والغاز. إذ أن نصف السدود البالغ عددها 9 آلاف في الولايات المتحدة قد يكون عمرها أكثر من 50 سنة. وتجدر الإشارة أن العديد من الشركات الهندسية اليابانية تتمتع بسجلات نجاح دولية في بناء مشاريع البنية التحتية الرئيسية لناحية التنفيذ في الوقت المحدد والميزانية، وفقاً لأعلى المعايير الهندسية. وينظر إليها على أنها الكفاءة الأساسية التي يتمتع بها اليابانيون. والبنية التحتية في اليابان نفسها تشهد على هذه القدرات.

ودعت هيلاري كلينتون إلى برنامج استثمار في البنية التحتية في الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات بقيمة 275 مليار دولار، ويعتقد ترامب أنه ينبغي مضاعفة هذا الرقم. وتشير تقديرات أخرى أن حجم الاستثمارات المطلوبة هو واحد تريليون دولار. والطرق وأنظمة النقل في الولايات المتحدة قد تتطلب وحدها استثمار 1.7 تريليون دولار، ويعتقد البعض من المتخصصين في الهندسة المدنية أن الاستثمارات المطلوبة قد تكون حوالي 4 تريليون دولار من الآن وحتى عام 2025.

ولكن التطورات التكنولوجية الحديثة مثل القيادة الذاتية للآليات، والتقدم في اقتصاد المعلومات، والانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة قد يجعل من الصعب وضع خطط لبعض هذه الاستثمارات في البنية التحتية.

وبعد حادث فوكوشيما اضطرت اليابان إلى تغيير سريع لبعض خططها في مجال الطاقة التي أجبرت البلاد على التكيف بسرعة مع بعض الهياكل التنظيمية لاستيعاب مصادر طاقة جديدة. وكان لزاماً عليها أيضاً إعادة بناء جزء كبير من البنية التحتية في منطقة توهوكو. ولا بد أن الشركات اليابانية قادرة على الاستفادة من هذه الخبرة عند المشاركة في مناقصات لمشاريع في الولايات المتحدة.

وآثار التغير المناخي يمكن أيضاً أن تضعف البنية التحتية الولايات المتحدة كما اتضح جلياً في الشمال الشرقي مع إعصار ساندي، ومؤخراً مع الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لشبكة المياه في ولاية كاليفورنيا بسبب الأمطار الغزيرة. وأزمة المياه في فلينت بولاية ميشيغان تشير أيضاً إلى بنية تحتية متهالكة ومعمّرة. وتمويل هذه الاستثمارات في البنية التحتية في الولايات المتحدة هو أيضاً مجال يمكن أن تساهم فيه المؤسسات المالية اليابانية. فالمصارف اليابانية تعد الآن بين المقرضين الرئيسيين لمشاريع البنية التحتية في العالم،

واليابان هي بالفعل أكبر مستثمر أجنبي في الديون السيادية الأمريكية. وتكافح المصارف اليابانية من أجل العثور على فرص إقراض في سوقها المحلية بسبب انخفاض النمو الاقتصادي واستثمارات رأس المال الضئيلة من قبل الشركات اليابانية، والتركيبة السكانية التي تشكل تحدياً. ونظراً إلى مستويات العجز الحالية المرتفعة والدين العام لدى الحكومة الأمريكية، من المتوقع أن يلعب القطاع الخاص أيضاً دوراً هاماً في تمويل هذه الاستثمارات الأمريكية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والقطاع الخاص.

وضرائب الطرق والبنزين قد تمول جزئياً الاستثمار في الطرق والجسور. وهناك بعض المشاريع في مرحلة التخطيط مثل مشروع سكة حديد عالية السرعة في كاليفورنيا. وسمح الرئيس ترامب مؤخراً أيضاً بإعادة الترخيص لبناء خط أنابيب النفط كيستون وداكوتا. ومن المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة، وقد تستخرج مايصل إلى 25 تريليون دولار من النفط والغاز خلال العقود القادمة. ونتيجة لذلك، حددت السلطات الأمريكية أكثر من 100 مشروع كبير للطاقة التي قد تتطلب البناء أو الاستبدال. وهذه الفرص الاستثمارية في الولايات المتحدة يمكن أيضا أن تجعل الشركات اليابانية عظيمة مرة أخرى، وتساعد على إنعاش الاقتصاد الياباني.

توم أوسوليفان مؤسس (ماثيوس اليابان)، ومصرفي سابق، ومهندس مدني ومحاسب قانوني

ترجمة أحمد علي

بان اورينت نيوز- حقوق النشر محفوظة



أعمال واقتصاد