ويبقى الشرق شرقًا والغرب غربًا!

مدريد- الخميس 25 أغسطس 2011 /بان اورينت نيوز/
بقلم / محمد بشير علي كردي- خاص لوكالة بان اورينت نيوز

الشرق شرق بأصالته وتراثه الحضاري الذي أعطى الإنسانيَّة من المبادئ والأخلاق الكثير. والغرب غرب بغربته وغطرسته والغرور الذي تمكَّن من معظم أبنائه، فأنكروا على غيرهم عاداتهم وتقاليدهم وأسلوب حياتهم.

حضرني هذا القول المأثور بعد أن قرأت ما يفيد بأنَّه في اليوم الثالث عشر من أغسطس 2011، بثَّ التلفزيون الكوري حلقة من برنامج "ستار كينغ" المشهور الذي يستضيف موهوبين من جميع أنحاء العالم لعرض مواهبهم، وإتاحة فرص تبنِّيهم من مؤسسات وشركات مختصَّة تنمِّي مواهبهم وتسهم في إيجاد فتح مجال الاحتراف لهم.

كان ضيف تلك الحلقة شاب من هونج كونج، موهبته الغناء والتمثيل. بعد عرض موهبته، بادر إلى خلع ملابسه ليفاجئ الجمهور بارتدائه ثوبًا وشماغًا تحتها - (الزِّيِّ الوطني السعودي ودول الخليح العربي) - وممسكًا ببندقيَّة بلاستيكيَّة وجَّهها مباشرةً إلى مذيع البرنامج ممثِّلاً بذلك رجلاً مسلمًا يحاول قتل من أمامه!

عند هذا المشهد غير المتوقَّع من مطرب وممثِّل هاوٍ، يسعى للحصول على فرصة تفوُّق، قطعت القناة التلفزيونيَّة بثَّها لسبع دقائق، وعادت لتقدِّم على شاشتها وزير الإعلام الكوري وهو يعتذر بلهجة صارمة للمسلمين كافَّة عمَّا حدث في البرنامج. وقال بأنَّ ما حدث خطأ لا بدَّ من إصلاحه، ملقيًا اللوم على ثقافة الضيف شبه المعدومة تجاه الديانة الإسلاميَّة.

أمَّا اعتذاره الثاني، فقد وجَّهه للمملكة العربيَّة السعوديَّة لاستخدام المتسابق في البرنامج اللباس الوطني السعودي بشكلٍ غير لائق. وأضاف بأنَّه خلال الدقائق السبع التي توقَّف فيها البثُّ التلفزيوني، عقد اجتماعًا طارئًا مع معاونيه في الوزارة، وتمَّ اتِّخاذ الإجراءات التالية:

بما أنَّ تصرُّف المتسابق كان وقحًا، تعرَّض فيه لخصوصيَّة المسلمين بارتدائه الزيِّ السعودي، وحمله ما يشبه السلاح، ممثِّلاً في ذلك دور الإرهابي. ولأنَّ البرنامج برنامج عائلة، تشاهده الأسرة بكاملها مع أطفال في سنِّ السابعة وما فوق، فقد يتأثَّرون بمنظر العنف الذي أدَّاه المتسابق، ويصدِّقون المشهد ممَّا قد ينمِّي فيهم نزعة عدوانيَّة. لذا، فقد اتَّخذت الوزارة قرارًا بإيقاف بثِّ البرنامج لشهرين متواصلين، وإيقاف القناة لثلاثة أيَّام متواصلة، وترحيل المتسابق بعد حبسه مدَّة 48 ساعة.

تجدر المقارنة بين الإجراء الحاسم والسريع الذي اتَّخذه وزير الإعلام الكوري لبثِّ تلفزيون بلده برنامجًا فيه لقطة مسيئة للمسلمين عامَّة ولشعب المملكة العربيَّة السعوديَّة بصفة خاصَّة، وبين موقف الغرب، هولندا والدانمرك وفرنسا تحديدًا حينما أساء مَن يوصفون بالمثقَّفين والمبدعين لرسول المسلمين محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم وللقرآن الكريم وللحجاب وللمسلمين عامَّة، وتعريضهم بكتابهم المقدَّس وخصوصيَّات رسولهم الكريم.

تحضرني دعوة رسولنا الكريم: "أطلبوا العلم ولو في الصين" للمقارنة بين سلوكيَّات الشرق والغرب، وكوريا على أطرافها، لألتمس من أولي الأمر في كلٍّ من المملكة والدول العربيَّة والإسلاميَّة المناط بهم أمر الاستثمار في الطاقَّة البشريَّة من أجل مستقبل أفضل لبلدانهم، أن يتَّجهوا شرقًا، فيشجِّعوا الدارسين والمتدرِّبين على طلب العلم والخبرة والتدريب في دول الشرق الأقصى، وهي دول نشترك معها في القيم والتراث، وننتمي جميعنا للبيت الآسيوي. وآسيا أمُّ الحضارات، شاء الغرب أو لم يشأ.

الصورة: الأديب محمَّد بشير علي كردي/ سفير المملكة العربية السعودية سابقاً في اليابان

بان اورينت نيوز


مزيد من المعلومات عن الموضوع في الرابط التالي
http://www.panorientnews.com/photo_cartoon.php?k=1098



فنون وثقافة